المقال الذي كتبه عاموس هاريل في جريدة هآرتس يربط بين ما يُعرف بـ«خطاب إسبرطة» لبنيامين نتنياهو وقضية الغواصات التي تحقق فيها لجنة غرونيس، حيث كشفت اللجنة أنّ نتنياهو ضلّل الحكومة والمجلس الوزاري الأمني، وحيّد دورهما في اتخاذ قرارات حيوية تتعلق بالأمن القومي، في صفقات تسليح بمليارات اليوروهات دون إشراف كافٍ. ومع اندلاع الحرب في غزة، جرى تخصيص ميزانيات ضخمة للتسلح وسط إشراف حكومي ضعيف، ما يعزز مخاوف تكرار الفساد. المقال يستعرض أيضًا أزمة التقاعد في الجيش وتزايد نية الضباط للاستقالة، في وقت يحاول نتنياهو ومؤيدوه فرض نموذج «إسبرطة» يمنح امتيازات وإعفاءات للحريديم على حساب الخدمة العسكرية. ويشير هاريل إلى تدهور القوات البرية نتيجة إهمال متعمد والتركيز على القوة الجوية والتقنية، وهو ما ساهم في فشل 7 أكتوبر، مؤكدًا أن غياب لجنة تحقيق رسمية يجعل من عمل الصحفيين والمؤرخين أداة أساسية لكشف الحقائق.
Netanyahu Eyes More Unsupervised Arms Deals, Just Like the Submarine Affair
بما أنّ معظم تصريحات بنيامين نتنياهو مقصودة، فمن المهم النظر في الصلة بين خطابه المعروف باسم «خطاب إسبرطة» وبين لجنة غرونيس التي تحقق في ما يُسمّى «قضية الغواصات». ففي تلك الفضيحة، يُشتبه في أنّ مقربين من رئيس الوزراء ارتكبوا مخالفات في صفقة حصول إسرائيل على غواصات وسفن بحرية أخرى.
في «خطاب إسبرطة» هذا الأسبوع، شدّد نتنياهو على ضرورة إزالة العقبات البيروقراطية، وتجاهل الاعتراضات القانونية، وتسريع إنتاج الأسلحة لتقليل اعتماد إسرائيل على الدول الأخرى في ما يتعلق بأمنها. كما حاول تبرير أفعال تخضع حاليًا لتدقيق لجنة غرونيس.
في الأسبوع الماضي، وفي تطور لم يحظ بتغطية إعلامية واسعة، قدّمت اللجنة تفاصيل إضافية عن العيوب التي أدت إلى إرسالها رسائل تحذير قبل 15 شهرًا إلى خمسة مسؤولين كبار، من بينهم نتنياهو ويوسي كوهين، الذي ترأس أولًا مجلس الأمن القومي ثم جهاز الموساد بين 2013 و2021. وقد كشفت اللجنة تفاصيل عن جوانب متعددة من قضية الغواصات التي أُبلغ عنها أول مرة على يد الصحفي رفيف دروكر أواخر عام 2016.
قبل حرب غزة، كان من الممكن لاستنتاجات اللجنة أن تتصدر العناوين وربما تُشعل احتجاجات جماهيرية. فقد خلصت إلى أنّ نتنياهو ضلّل الحكومة والمجلس الوزاري الأمني، محيّدًا قدرتهم على التأثير في قرارات تقع في صميم الأمن القومي الإسرائيلي.
ووفقًا للجنة، سعى نتنياهو وكوهين إلى منع تسجيل الاجتماعات، ووفّرا تقارير انتقائية للوزراء والمجلس الوزاري الأمني، تاركين المسؤولين يتصرفون بناءً على معلومات مجتزأة. وجاء في رسالة التحذير إلى نتنياهو أنّه «عرّض الأمن القومي للخطر وأضرّ بعلاقات إسرائيل الخارجية ومصالحها الاقتصادية».
مقارنةً بالمرحلة الأخيرة من الحملة العسكرية التي تبدو غير عادلة، وبالتخلّي المتعمّد عن الرهائن وتركهم لمصيرهم، قد تبدو اتهامات اللجنة شبه هامشية، لكنها بعيدة عن أن تكون كذلك.
فقد فصّلت اللجنة سوء الإدارة وأثارت الشبهات بوجود دوافع خفية وراء صفقات مشتريات بمليارات اليوروهات. وفي ضوء أوجه القصور في الجيش عند اندلاع الحرب، جرى إقرار عشرات المليارات الإضافية من الشواكل، سيُوجّه معظمها نحو شراء الأسلحة. وتُتخذ قرارات بهذا الحجم الهائل في ظل إشراف ضئيل من حكومة وبرلمان بالكاد يؤديان وظائفهما.
لذلك، عندما يتحدث نتنياهو عن «إزالة العقبات» ويغلفها بخطاب اقتصادي وإداري، من المهم إدراك ما يخطط له حقًا: فرص ضخمة لصفقات أسلحة جديدة من دون إشراف جاد؛ أرض خصبة لتغليب المصالح الخاصة. تحذر لجنة غرونيس مما هو قادم، لكن من المرجح أن يضيع صوتها وسط الضجيج.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان كبار المسؤولين منشغلين بقضية مالية أكثر إلحاحًا: قرار المحكمة العليا إنهاء زيادات المعاشات التقاعدية لضباط الجيش النظاميين اعتبارًا من يناير المقبل. جاء الحكم بعد ما يقرب من تسع سنوات من كشف مراقب الدولة ما وصفته صحيفة «هآرتس» بـ«سرقة المعاشات الكبرى».
أظهر التقرير أنّ رؤساء أركان الجيش ونظراءهم في الأجهزة الأمنية منحوا المتقاعدين زيادة بمتوسط 14.8% مع إخفاء المعلومات عن وزارة المالية. وردّ رئيس الأركان آنذاك غادي آيزنكوت بتقليص بعض الزيادات، لكن الممارسة نفسها استمرت. يوم الاثنين، وبعد ست سنوات من التأجيلات والتمديدات، قضت المحكمة بأن أمام الحكومة والكنيست ثلاثة أشهر لمعالجة الوضع عبر تشريع جديد.
أثار القرار موجة من ردود الفعل، إذ أبلغ مئات الضباط الدائمين مديرية القوى البشرية في الجيش بنيتهم التقاعد بحلول نهاية العام. يخشى الضباط أن تتأثر شروط تقاعدهم وأن الحكومة لن تسارع إلى حل المشكلة. ويأتي هذا في ظل توجه أوسع لمغادرة الجيش، يزداد وضوحًا مع استمرار الحرب والضغط المتزايد على من بقوا.
لكن هذه الأزمة المتفاقمة في القوى البشرية، التي تركت آلاف المناصب شاغرة، لا تبدو مقلقة لقادة «إسبرطة» الجدد. فهم على ما يبدو يعتمدون على الحافز العالي لفئات محدودة من السكان، ويسعون إلى إضفاء الطابع المؤسسي على التهرب من الخدمة العسكرية للرجال الحريديم (اليهود المتدينين المتشددين).
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قام رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست من حزب الليكود، بوعاز بيسموث، بإسكات الناشط عُمري رونين من مجموعة "الإخوة والأخوات في السلاح". خلال جلسة اللجنة، حاول رونين الرد على تشريع يتيح التهرب من الخدمة العسكرية لليهود الحريديم. جرى إخراجه بالقوة ووُصِف بأنّه شخص رفض الخدمة في الحرب الحالية، رغم أنه خدم مئات الأيام في الاحتياط في غزة وفقد جدته التي قُتلت في كيبوتس كفار عزة في 7 أكتوبر 2023. في "جمهورية نتنياهو"، يُقدَّم نظام شبيه بـ«إسبرطة» يمنح إعفاءات لفئات أقلية مميزة بوصفه أمرًا مشروعًا تمامًا.
في «خطاب إسبرطة» هذا الأسبوع، شدّد نتنياهو على ضرورة إزالة العقبات البيروقراطية، وتجاهل الاعتراضات القانونية، وتسريع إنتاج الأسلحة لتقليل اعتماد إسرائيل على الدول الأخرى في ما يتعلق بأمنها. كما حاول تبرير أفعال تخضع حاليًا لتدقيق لجنة غرونيس.
في الأسبوع الماضي، وفي تطور لم يحظ بتغطية إعلامية واسعة، قدّمت اللجنة تفاصيل إضافية عن العيوب التي أدت إلى إرسالها رسائل تحذير قبل 15 شهرًا إلى خمسة مسؤولين كبار، من بينهم نتنياهو ويوسي كوهين، الذي ترأس أولًا مجلس الأمن القومي ثم جهاز الموساد بين 2013 و2021. وقد كشفت اللجنة تفاصيل عن جوانب متعددة من قضية الغواصات التي أُبلغ عنها أول مرة على يد الصحفي رفيف دروكر أواخر عام 2016.
قبل حرب غزة، كان من الممكن لاستنتاجات اللجنة أن تتصدر العناوين وربما تُشعل احتجاجات جماهيرية. فقد خلصت إلى أنّ نتنياهو ضلّل الحكومة والمجلس الوزاري الأمني، محيّدًا قدرتهم على التأثير في قرارات تقع في صميم الأمن القومي الإسرائيلي.
ووفقًا للجنة، سعى نتنياهو وكوهين إلى منع تسجيل الاجتماعات، ووفّرا تقارير انتقائية للوزراء والمجلس الوزاري الأمني، تاركين المسؤولين يتصرفون بناءً على معلومات مجتزأة. وجاء في رسالة التحذير إلى نتنياهو أنّه «عرّض الأمن القومي للخطر وأضرّ بعلاقات إسرائيل الخارجية ومصالحها الاقتصادية».
مقارنةً بالمرحلة الأخيرة من الحملة العسكرية التي تبدو غير عادلة، وبالتخلّي المتعمّد عن الرهائن وتركهم لمصيرهم، قد تبدو اتهامات اللجنة شبه هامشية، لكنها بعيدة عن أن تكون كذلك.
فقد فصّلت اللجنة سوء الإدارة وأثارت الشبهات بوجود دوافع خفية وراء صفقات مشتريات بمليارات اليوروهات. وفي ضوء أوجه القصور في الجيش عند اندلاع الحرب، جرى إقرار عشرات المليارات الإضافية من الشواكل، سيُوجّه معظمها نحو شراء الأسلحة. وتُتخذ قرارات بهذا الحجم الهائل في ظل إشراف ضئيل من حكومة وبرلمان بالكاد يؤديان وظائفهما.
لذلك، عندما يتحدث نتنياهو عن «إزالة العقبات» ويغلفها بخطاب اقتصادي وإداري، من المهم إدراك ما يخطط له حقًا: فرص ضخمة لصفقات أسلحة جديدة من دون إشراف جاد؛ أرض خصبة لتغليب المصالح الخاصة. تحذر لجنة غرونيس مما هو قادم، لكن من المرجح أن يضيع صوتها وسط الضجيج.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان كبار المسؤولين منشغلين بقضية مالية أكثر إلحاحًا: قرار المحكمة العليا إنهاء زيادات المعاشات التقاعدية لضباط الجيش النظاميين اعتبارًا من يناير المقبل. جاء الحكم بعد ما يقرب من تسع سنوات من كشف مراقب الدولة ما وصفته صحيفة «هآرتس» بـ«سرقة المعاشات الكبرى».
أظهر التقرير أنّ رؤساء أركان الجيش ونظراءهم في الأجهزة الأمنية منحوا المتقاعدين زيادة بمتوسط 14.8% مع إخفاء المعلومات عن وزارة المالية. وردّ رئيس الأركان آنذاك غادي آيزنكوت بتقليص بعض الزيادات، لكن الممارسة نفسها استمرت. يوم الاثنين، وبعد ست سنوات من التأجيلات والتمديدات، قضت المحكمة بأن أمام الحكومة والكنيست ثلاثة أشهر لمعالجة الوضع عبر تشريع جديد.
أثار القرار موجة من ردود الفعل، إذ أبلغ مئات الضباط الدائمين مديرية القوى البشرية في الجيش بنيتهم التقاعد بحلول نهاية العام. يخشى الضباط أن تتأثر شروط تقاعدهم وأن الحكومة لن تسارع إلى حل المشكلة. ويأتي هذا في ظل توجه أوسع لمغادرة الجيش، يزداد وضوحًا مع استمرار الحرب والضغط المتزايد على من بقوا.
لكن هذه الأزمة المتفاقمة في القوى البشرية، التي تركت آلاف المناصب شاغرة، لا تبدو مقلقة لقادة «إسبرطة» الجدد. فهم على ما يبدو يعتمدون على الحافز العالي لفئات محدودة من السكان، ويسعون إلى إضفاء الطابع المؤسسي على التهرب من الخدمة العسكرية للرجال الحريديم (اليهود المتدينين المتشددين).
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قام رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست من حزب الليكود، بوعاز بيسموث، بإسكات الناشط عُمري رونين من مجموعة "الإخوة والأخوات في السلاح". خلال جلسة اللجنة، حاول رونين الرد على تشريع يتيح التهرب من الخدمة العسكرية لليهود الحريديم. جرى إخراجه بالقوة ووُصِف بأنّه شخص رفض الخدمة في الحرب الحالية، رغم أنه خدم مئات الأيام في الاحتياط في غزة وفقد جدته التي قُتلت في كيبوتس كفار عزة في 7 أكتوبر 2023. في "جمهورية نتنياهو"، يُقدَّم نظام شبيه بـ«إسبرطة» يمنح إعفاءات لفئات أقلية مميزة بوصفه أمرًا مشروعًا تمامًا.
نذير الحقيقة
في وقت سابق من هذا الأسبوع، وأثناء مشاهدة الحلقتين الأوليين من سلسلة "ماذا حدث للجيش الإسرائيلي؟" الوثائقية الجديدة لعمري أسنهايم على القناة 13، بدا الأمر أشبه بمشاهدة مقطع ساخر لفرقة الكوميديا الإسرائيلية الشهيرة "هغشاش هحيفر". في أحد المشاهد، يروي جنديان لقائد جديد عن بطولاتهما في الحرب، وعندما يريانه صورة لجماعة جنود بجوار شجرة، يسألهما: "ولكن أين أنتما؟"، فيجيبان: "خلف الشجرة".
يتتبع أسنهايم تراجع قوات المشاة الإسرائيلية على مدى العقود الماضية، وصولًا إلى النقطة الحرجة: 7 أكتوبر. يقدّم مقابلات مع ضباط سابقين وعدد من السياسيين، مسلطًا الضوء على إخفاق الجيش الذي أدى إلى أكبر كارثة عسكرية في تاريخ إسرائيل. بطل السلسلة غير المعلن هو العميد الاحتياط غاي حزوط، الذي توقّع في كتابه "الجيش التكنولوجي والجيش الفرسان: كيف تخلّت إسرائيل عن القوات البرية" انهيار الجيش بسبب إهمال القوات البرية، ونُشر بعد الهجوم مع مقدمة وخاتمة باردة المضمون.
الكتاب والسلسلة يبرزان كيف تجاهلت الحكومات الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، تحذيرات الاستخبارات العسكرية والشاباك بشأن التهديدات المتصاعدة، فيما ركّزت على التكنولوجيا وسلاح الجو والاستخبارات بدلًا من تقوية القوات البرية. وقد ساهم هذا النهج في كشف إسرائيل في 7 أكتوبر.
لأن الإسرائيليين يستحقون إجابات، ومع رفض نتنياهو السماح بإنشاء لجنة تحقيق رسمية، تصبح جهود الصحفيين والمؤرخين وصانعي الأفلام الوثائقية ضرورية لفهم حجم الفشل. سلسلة أسنهايم ليست سوى البداية، ومن المؤكد أن المزيد سيأتي.
يتتبع أسنهايم تراجع قوات المشاة الإسرائيلية على مدى العقود الماضية، وصولًا إلى النقطة الحرجة: 7 أكتوبر. يقدّم مقابلات مع ضباط سابقين وعدد من السياسيين، مسلطًا الضوء على إخفاق الجيش الذي أدى إلى أكبر كارثة عسكرية في تاريخ إسرائيل. بطل السلسلة غير المعلن هو العميد الاحتياط غاي حزوط، الذي توقّع في كتابه "الجيش التكنولوجي والجيش الفرسان: كيف تخلّت إسرائيل عن القوات البرية" انهيار الجيش بسبب إهمال القوات البرية، ونُشر بعد الهجوم مع مقدمة وخاتمة باردة المضمون.
الكتاب والسلسلة يبرزان كيف تجاهلت الحكومات الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، تحذيرات الاستخبارات العسكرية والشاباك بشأن التهديدات المتصاعدة، فيما ركّزت على التكنولوجيا وسلاح الجو والاستخبارات بدلًا من تقوية القوات البرية. وقد ساهم هذا النهج في كشف إسرائيل في 7 أكتوبر.
لأن الإسرائيليين يستحقون إجابات، ومع رفض نتنياهو السماح بإنشاء لجنة تحقيق رسمية، تصبح جهود الصحفيين والمؤرخين وصانعي الأفلام الوثائقية ضرورية لفهم حجم الفشل. سلسلة أسنهايم ليست سوى البداية، ومن المؤكد أن المزيد سيأتي.