في مقاله المنشور في مجلة Foreign Policy، يرى الكاتب آرون ديفيد ميلر أن خطة ترامب ذات العشرين بندًا لإنهاء حرب غزة تمثل محاولة جريئة لكنها محفوفة بالتناقضات، إذ يفتقر الطرفان — إسرائيل وحماس — إلى الثقة والنوايا الحقيقية لإنهاء الصراع. فبينما تسعى إسرائيل لتكريس هيمنتها العسكرية في المنطقة مدعومةً بالقوة الأميركية، تظل حماس متمسكة بأوراقها السياسية والميدانية، ما يجعل فرص التنفيذ ضئيلة. ويشير ميلر إلى أن الحرب كشفت عن مشهد إقليمي جديد: إسرائيل تملك "هيمنة تصعيدية" غير مسبوقة، في حين فشلت القوى الكبرى — بما فيها واشنطن — في فرض حلول دائمة. وبينما تفتح الحرب فرصًا محدودة في لبنان وسوريا والخليج، فإن مستقبل السلام يظل رهين إرادة ترامب وقدرته على تجاوز شخصيته الانفعالية لبناء مسار دبلوماسي حقيقي في شرق أوسط يرزح تحت ظلّ السابع من أكتوبر.
The Weak Link in Trump’s Mideast Peace Plan Might Be Trump Himself
حتى في منطقةٍ غاضبة ومضطربة ومليئة بالصراعات مثل الشرق الأوسط، يصعب تصديق أننا ندخل الآن العام الثالث من حرب إسرائيل وحماس في غزة – وهو صراع تجاوز في مدته، ورعبه، وغضبه، ودمويته، جميع المواجهات الإسرائيلية – الفلسطينية السابقة. هناك الآن خطة سلام أميركية جديدة وُضعت على الطاولة، لكن أهميتها وفاعليتها لم تُختبرا بعد.
ربما نحن أسرى واقعيةٍ متشائمة وُلدت من التجربة، بعد أن عاصرنا الكثير من خطط السلام والمفاوضات حسنة النية التي فشلت. لكننا نحذر من الأحداث والمبادرات التي تُسوَّق باعتبارها تغييرات جذرية، أو نقاط تحول، أو تحولات كبرى تهدف إلى تحقيق السلام الدائم – خاصةً تلك التي لا ترتبط بعملية واضحة للتوصل إلى اتفاق أو لتنفيذه.
الكثير مما يتعلق بالشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر 2023، بعد مرور عامين، لا يزال مألوفًا بشكل محبط، بل ومروع. ومع ذلك، هناك بعض الاستنتاجات الجديدة والمحتملة الأهمية – تلك التي لا تعكس فقط العناوين الحالية، بل قد تشكل أيضًا الاتجاهات المستقبلية القادمة. وهذه ستشكل الخيارات والسياسات لصانعي القرار الأميركيين.
ربما نحن أسرى واقعيةٍ متشائمة وُلدت من التجربة، بعد أن عاصرنا الكثير من خطط السلام والمفاوضات حسنة النية التي فشلت. لكننا نحذر من الأحداث والمبادرات التي تُسوَّق باعتبارها تغييرات جذرية، أو نقاط تحول، أو تحولات كبرى تهدف إلى تحقيق السلام الدائم – خاصةً تلك التي لا ترتبط بعملية واضحة للتوصل إلى اتفاق أو لتنفيذه.
الكثير مما يتعلق بالشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر 2023، بعد مرور عامين، لا يزال مألوفًا بشكل محبط، بل ومروع. ومع ذلك، هناك بعض الاستنتاجات الجديدة والمحتملة الأهمية – تلك التي لا تعكس فقط العناوين الحالية، بل قد تشكل أيضًا الاتجاهات المستقبلية القادمة. وهذه ستشكل الخيارات والسياسات لصانعي القرار الأميركيين.
خطة ترامب ذات العشرين بندًا
بعد ثمانية أشهر من الدبلوماسية المتقطعة بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 29 سبتمبر هي خطة رئاسية، يتولى فيها ترامب نفسه دور رئيس “مجلس السلام” الذي سيشرف على العملية. وعلى عكس الجهود السابقة، التي كان ترامب يتراجع عنها عندما كانت إسرائيل أو حماس ترفض المقترح المطروح، سيكون من شبه المستحيل على ترامب أن يتراجع هذه المرة.
سيكون التحدي أمام الرئيس هو التوقف عن النظر إلى الصراع على أنه صفقة عقارية مدفوعة بحوافز اقتصادية، وأن يفهم ويتعامل مع السرديات الوجودية للطرفين. جميع الفلسطينيين يريدون نهايةً للاحتلال. حماس تريد تدمير إسرائيل. جميع الإسرائيليين يريدون السلام والأمن. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تدمير حماس والطموحات الوطنية الفلسطينية. ومن ثم، فإن خطة ترامب لها قيمتها، لكنها ليست سوى البداية.
بشكل فوري، سيحتاج ترامب إلى التكيف مع إصرار الأطراف على التفاوض على التفاصيل. هذه القضايا لن تُحل عبر منشورات وتهديدات على منصة "تروث سوشال". سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق، نظرًا للغياب التام للثقة بين الطرفين. وبالتالي، من غير المرجح أن يتخذ أي من الجانبين أي خطوة منصوص عليها في الخطة إلى أن يتأكد من أن الطرف الآخر يفعل ما يُفترض به فعله.
الخطة بعيدة المدى لأنها تحتوي على بنود تحدد كيفية انتهاء الحرب وكذلك كيفية عودة الرهائن، وانسحاب إسرائيل، وتوسيع المساعدات الإنسانية، وإدارة غزة بعد الحرب. وتشمل التزامًا بالسعي نحو الاستقلال الفلسطيني، يعتمد على إصلاح فلسطيني جدي. فكرة الدولة الفلسطينية صعبة على نتنياهو وحلفائه استيعابها، لكنه يبدو مبتهجًا لأن الخطة تؤكد المبادئ التي أقرها مجلس الأمن الإسرائيلي. لا يوجد ما يفيد حماس في الخطة سوى ضرورة تجرّع مرارة الهزيمة، ونزع السلاح، وإزالتها من السلطة.
ومع ذلك، من المرجح أن تكون حماس ذكية بما يكفي لترد بـ “نعم، ولكن”، مع قائمة تحفظات تحتاج إلى مناقشة والموافقة عليها. كانت الردود من نوع “نعم، ولكن” شائعة في محادثات السلام الإسرائيلية – الفلسطينية – على سبيل المثال، معايير كلينتون في عام 2000 وخريطة الطريق لإدارة بوش في عام 2003. إذا كانت الأطراف تريد اتفاقًا، فيمكن تجاوز التحفظات. ولكن عندما لا يريد أي من الطرفين التوصل إلى اتفاق حقيقي، فإن التحفظات تكون استراتيجية مضمونة لعدم التوصل إلى اتفاق.
وهذا ليس تحديًا تفاوضيًا فحسب. فالخطة تدعو إلى إجراءات معينة خلال 72 ساعة – إطلاق سراح الرهائن، وإنهاء القتال، وبدء الانسحاب الإسرائيلي. فهل يمكن أن تحدث هذه الأمور ببساطة بناءً على قرار من ترامب؟ هل ستبدأ إسرائيل في الانسحاب قبل أن تبدأ حماس في نزع سلاحها؟
ترامب يحب الإعلانات الكبيرة. ومن المرجح أن لا هو ولا مفاوضوه يدركون أن “الاتفاق” الذي أعلنه يخضع لتفسيرات مختلفة تمامًا، وآراء متباينة بشكل كبير حول التفاصيل، وردود “نعم ولكن” تبدو إيجابية لكنها تخفي خلافات لا يمكن التوفيق بينها. الحقيقة المحزنة هي أن حماس والحكومة الإسرائيلية الحالية لديهما مصلحة في تجنب غضب ترامب، لكن ليس لديهما مصلحة حقيقية في إنهاء الحرب.
سيكون التحدي أمام الرئيس هو التوقف عن النظر إلى الصراع على أنه صفقة عقارية مدفوعة بحوافز اقتصادية، وأن يفهم ويتعامل مع السرديات الوجودية للطرفين. جميع الفلسطينيين يريدون نهايةً للاحتلال. حماس تريد تدمير إسرائيل. جميع الإسرائيليين يريدون السلام والأمن. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تدمير حماس والطموحات الوطنية الفلسطينية. ومن ثم، فإن خطة ترامب لها قيمتها، لكنها ليست سوى البداية.
بشكل فوري، سيحتاج ترامب إلى التكيف مع إصرار الأطراف على التفاوض على التفاصيل. هذه القضايا لن تُحل عبر منشورات وتهديدات على منصة "تروث سوشال". سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق، نظرًا للغياب التام للثقة بين الطرفين. وبالتالي، من غير المرجح أن يتخذ أي من الجانبين أي خطوة منصوص عليها في الخطة إلى أن يتأكد من أن الطرف الآخر يفعل ما يُفترض به فعله.
الخطة بعيدة المدى لأنها تحتوي على بنود تحدد كيفية انتهاء الحرب وكذلك كيفية عودة الرهائن، وانسحاب إسرائيل، وتوسيع المساعدات الإنسانية، وإدارة غزة بعد الحرب. وتشمل التزامًا بالسعي نحو الاستقلال الفلسطيني، يعتمد على إصلاح فلسطيني جدي. فكرة الدولة الفلسطينية صعبة على نتنياهو وحلفائه استيعابها، لكنه يبدو مبتهجًا لأن الخطة تؤكد المبادئ التي أقرها مجلس الأمن الإسرائيلي. لا يوجد ما يفيد حماس في الخطة سوى ضرورة تجرّع مرارة الهزيمة، ونزع السلاح، وإزالتها من السلطة.
ومع ذلك، من المرجح أن تكون حماس ذكية بما يكفي لترد بـ “نعم، ولكن”، مع قائمة تحفظات تحتاج إلى مناقشة والموافقة عليها. كانت الردود من نوع “نعم، ولكن” شائعة في محادثات السلام الإسرائيلية – الفلسطينية – على سبيل المثال، معايير كلينتون في عام 2000 وخريطة الطريق لإدارة بوش في عام 2003. إذا كانت الأطراف تريد اتفاقًا، فيمكن تجاوز التحفظات. ولكن عندما لا يريد أي من الطرفين التوصل إلى اتفاق حقيقي، فإن التحفظات تكون استراتيجية مضمونة لعدم التوصل إلى اتفاق.
وهذا ليس تحديًا تفاوضيًا فحسب. فالخطة تدعو إلى إجراءات معينة خلال 72 ساعة – إطلاق سراح الرهائن، وإنهاء القتال، وبدء الانسحاب الإسرائيلي. فهل يمكن أن تحدث هذه الأمور ببساطة بناءً على قرار من ترامب؟ هل ستبدأ إسرائيل في الانسحاب قبل أن تبدأ حماس في نزع سلاحها؟
ترامب يحب الإعلانات الكبيرة. ومن المرجح أن لا هو ولا مفاوضوه يدركون أن “الاتفاق” الذي أعلنه يخضع لتفسيرات مختلفة تمامًا، وآراء متباينة بشكل كبير حول التفاصيل، وردود “نعم ولكن” تبدو إيجابية لكنها تخفي خلافات لا يمكن التوفيق بينها. الحقيقة المحزنة هي أن حماس والحكومة الإسرائيلية الحالية لديهما مصلحة في تجنب غضب ترامب، لكن ليس لديهما مصلحة حقيقية في إنهاء الحرب.
الهيمنة التصعيدية
من المفارقات، على أقل تقدير، أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قيادة حماس العليا في الدوحة – قطر، في التاسع من سبتمبر – ساهمت في تهيئة الظروف لخطة السلام الحالية وكذلك لاتفاق أمني جديد بين إدارة ترامب وقطر.
في الواقع، تعكس تلك الضربة أحد أبرز التطورات وأكثرها استمرارية منذ 7 أكتوبر. فـللمرة الأولى في تاريخها الممتد لـ77 عامًا، تمتلك إسرائيل ما يُعرف بـ «الهيمنة التصعيدية»، وهو مصطلح أنيق يُستخدم لوصف قدرتها على التحكم في وتيرة تركيز عملياتها العسكرية وحدّتها مع جميع خصومها، والتصعيد متى شاءت، ومنع أعدائها من فعل الشيء نفسه.
إسرائيل ليست منيعة، ولا هي قوة مهيمنة إقليميًا قادرة على التحكم في قرارات شركائها أو خصومها، لكنها – بدعم أميركي – أضعفت خصومها إلى حدٍّ كبير، وتمتعت بحرية مناورة ونجاح عملياتي، وبمستوى غير مسبوق من الحصانة السياسية والعسكرية. أصبحت الضربات الاستباقية والوقائية سمةً أساسية في استراتيجيتها، إذ تسعى من خلالها إلى التأثير في قرارات الأمن القومي لخصومها من خلال استهداف أراضيهم مباشرةً.
نظرة واحدة إلى المنطقة تكشف ذلك بوضوح: فقد دمّرت إسرائيل البنية العسكرية لحماس كقوة منظمة، وتحتل الآن ثلاثة أرباع قطاع غزة. كما تم إضعاف القدرات العسكرية لحزب الله – بما في ذلك ترسانته من الصواريخ الموجّهة بدقة – وتمت تصفية قياداته العليا. وتتمركز القوات الإسرائيلية في خمسة مواقع استراتيجية جنوب لبنان وتواصل قصف حزب الله رغم اتفاق وقف إطلاق النار. وفي الضفة الغربية، نُشرت قوات إسرائيلية بأعداد غير مسبوقة منذ الانتفاضة الثانية. أما في سوريا، فقد حدّدت إسرائيل مناطق واسعة جنوب غرب دمشق على أنها «مناطق محظورة»، واحتلت جزءًا من منطقة فض الاشتباك السابقة التابعة للأمم المتحدة، وتدخلت لدعم الطائفة الدرزية السورية. كذلك وجّهت ضربات متكررة ضد مواقع نووية وتقليدية إيرانية، واستهدفت مواقع للحوثيين في اليمن.
لكن هذا الاستخدام المفرط للقوة له عواقب خطيرة. فنجاحات إسرائيل العسكرية تعتمد كليًا على الإمدادات العسكرية الأميركية والمساعدة النشطة. وقد تحدّت بعض هذه العمليات المصالح والقيم الأميركية، وليس واضحًا ما إذا كانت الاستراتيجية الإسرائيلية قد أخذت هذه الحقيقة في الحسبان.
في الواقع، تعكس تلك الضربة أحد أبرز التطورات وأكثرها استمرارية منذ 7 أكتوبر. فـللمرة الأولى في تاريخها الممتد لـ77 عامًا، تمتلك إسرائيل ما يُعرف بـ «الهيمنة التصعيدية»، وهو مصطلح أنيق يُستخدم لوصف قدرتها على التحكم في وتيرة تركيز عملياتها العسكرية وحدّتها مع جميع خصومها، والتصعيد متى شاءت، ومنع أعدائها من فعل الشيء نفسه.
إسرائيل ليست منيعة، ولا هي قوة مهيمنة إقليميًا قادرة على التحكم في قرارات شركائها أو خصومها، لكنها – بدعم أميركي – أضعفت خصومها إلى حدٍّ كبير، وتمتعت بحرية مناورة ونجاح عملياتي، وبمستوى غير مسبوق من الحصانة السياسية والعسكرية. أصبحت الضربات الاستباقية والوقائية سمةً أساسية في استراتيجيتها، إذ تسعى من خلالها إلى التأثير في قرارات الأمن القومي لخصومها من خلال استهداف أراضيهم مباشرةً.
نظرة واحدة إلى المنطقة تكشف ذلك بوضوح: فقد دمّرت إسرائيل البنية العسكرية لحماس كقوة منظمة، وتحتل الآن ثلاثة أرباع قطاع غزة. كما تم إضعاف القدرات العسكرية لحزب الله – بما في ذلك ترسانته من الصواريخ الموجّهة بدقة – وتمت تصفية قياداته العليا. وتتمركز القوات الإسرائيلية في خمسة مواقع استراتيجية جنوب لبنان وتواصل قصف حزب الله رغم اتفاق وقف إطلاق النار. وفي الضفة الغربية، نُشرت قوات إسرائيلية بأعداد غير مسبوقة منذ الانتفاضة الثانية. أما في سوريا، فقد حدّدت إسرائيل مناطق واسعة جنوب غرب دمشق على أنها «مناطق محظورة»، واحتلت جزءًا من منطقة فض الاشتباك السابقة التابعة للأمم المتحدة، وتدخلت لدعم الطائفة الدرزية السورية. كذلك وجّهت ضربات متكررة ضد مواقع نووية وتقليدية إيرانية، واستهدفت مواقع للحوثيين في اليمن.
لكن هذا الاستخدام المفرط للقوة له عواقب خطيرة. فنجاحات إسرائيل العسكرية تعتمد كليًا على الإمدادات العسكرية الأميركية والمساعدة النشطة. وقد تحدّت بعض هذه العمليات المصالح والقيم الأميركية، وليس واضحًا ما إذا كانت الاستراتيجية الإسرائيلية قد أخذت هذه الحقيقة في الحسبان.
قوى عظمى، وقبائل صغيرة
يبقى الشرق الأوسط مليئًا بحطام القوى العظمى التي حاولت فرض إرادتها على الشعوب الأصغر. ومن اللافت أن القوى الخارجية – كالولايات المتحدة والدول العربية الكبرى والأوروبيين – فشلت في تغيير استراتيجيات وأفعال الطرفين الرئيسيين في الحرب، أي إسرائيل وحماس.
ومن المدهش أيضًا أن أحدًا لم يستطع التأثير في مسار الحرب في غزة – لا الولايات المتحدة، ولا شركاء إسرائيل في اتفاقات أبراهام، ولا الأوروبيون. فقد بدت الولايات المتحدة، بوصفها اللاعب الأبرز، أشبه بـ«غوليفر المعاصر»: مثقلةً بوهمها الخاص، ومقيّدة بقيود القوى الصغيرة التي لا تتطابق مصالحها دائمًا مع مصالح واشنطن.
ويرتبط جزء كبير من هذه القيود بـ طبيعة العلاقة الفريدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبـ تردد الرؤساء الأميركيين المتعاقبين في ممارسة الضغط الحقيقي على إسرائيل. وهكذا، تظل إسرائيل، ومعها فاعلون إقليميون آخرون – رغم ضعفهم – قادرين على البقاء وإعادة بناء أنفسهم. خذ مثلًا صمود حماس، وحزب الله، وإيران، والحوثيين: جميعهم تلقّوا ضرباتٍ قاسية، لكنهم ما زالوا مستمرين – بل ربما ازداد نفوذهم السياسي والشعبي.
ومن المدهش أيضًا أن أحدًا لم يستطع التأثير في مسار الحرب في غزة – لا الولايات المتحدة، ولا شركاء إسرائيل في اتفاقات أبراهام، ولا الأوروبيون. فقد بدت الولايات المتحدة، بوصفها اللاعب الأبرز، أشبه بـ«غوليفر المعاصر»: مثقلةً بوهمها الخاص، ومقيّدة بقيود القوى الصغيرة التي لا تتطابق مصالحها دائمًا مع مصالح واشنطن.
ويرتبط جزء كبير من هذه القيود بـ طبيعة العلاقة الفريدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبـ تردد الرؤساء الأميركيين المتعاقبين في ممارسة الضغط الحقيقي على إسرائيل. وهكذا، تظل إسرائيل، ومعها فاعلون إقليميون آخرون – رغم ضعفهم – قادرين على البقاء وإعادة بناء أنفسهم. خذ مثلًا صمود حماس، وحزب الله، وإيران، والحوثيين: جميعهم تلقّوا ضرباتٍ قاسية، لكنهم ما زالوا مستمرين – بل ربما ازداد نفوذهم السياسي والشعبي.
الطريق إلى الأمام؟
رغم الصدمات العميقة التي يعيشها الإسرائيليون والفلسطينيون، فإن فظائع 7 أكتوبر والحرب في غزة فتحت أيضًا فرصًا جديدة في أماكن أخرى. فقد تحرر لبنان جزئيًا من قبضة حزب الله الحديدية، فيما تُظهر حكومة أحمد الشرع في سوريا مستوى غير مسبوق من البراغماتية، إذ بدأت بالتفاوض المباشر مع إسرائيل حول اتفاق أمني.
كما تبرز فرص محتملة في منطقة الخليج العربي لإطلاق مسار سلام إقليمي جاد إذا توافرت الظروف المناسبة. ومع ذلك، تبقى المشكلات كثيرة؛ فالتوصل إلى اتفاق يقيّد البرنامج النووي الإيراني يبدو الآن بعيد المنال، ومن المرجح أن يتصاعد الصراع الإسرائيلي – الإيراني. أما إدارة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فضلًا عن حله، فهي اليوم أكثر استعصاءً من أي وقت مضى.
ويبقى السؤال: هل يمتلك دونالد ترامب الإرادة والقدرة على التعامل مع مشهد الشرق الأوسط ما بعد 7 أكتوبر؟ الاحتمال ضعيف، لكنه ما زال غير محسوم. فترامب منخرط أكثر من أي وقت مضى في ملف غزة، لكنه أيضًا أكثر عرضةً للانتقادات. لا يبدو أنه يمتلك الصبر اللازم للتفاوض في “سوق” الشرق الأوسط السياسي، كما أن لديه نفوذًا محدودًا على حماس، وربما يفتقر إلى الإرادة السياسية لفرض ضغوط حقيقية على نتنياهو إذا تلكأت إسرائيل في تنفيذ التزاماتها ضمن الخطة.
حتى لو تحوّل ترامب، بشكلٍ سحري، إلى هنري كيسنجر أو جيمس بيكر، فسيظل بحاجة إلى شركاء إقليميين فاعلين وراغبين، وهؤلاء غير موجودين حاليًا – لا في إسرائيل ولا في صفوف الفلسطينيين. يخيّم شبح 7 أكتوبر بثقله وظلاله القاتلة على المنطقة. أما ترامب كصانع سلام؟ فصعب تخيّله، لكنه ربما الخيار الوحيد المتبقي لطريقٍ يمكن أن يستبدل مستقبلًا مظلمًا للإسرائيليين والفلسطينيين بقدرٍ من الأمل والوعد.
كما تبرز فرص محتملة في منطقة الخليج العربي لإطلاق مسار سلام إقليمي جاد إذا توافرت الظروف المناسبة. ومع ذلك، تبقى المشكلات كثيرة؛ فالتوصل إلى اتفاق يقيّد البرنامج النووي الإيراني يبدو الآن بعيد المنال، ومن المرجح أن يتصاعد الصراع الإسرائيلي – الإيراني. أما إدارة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فضلًا عن حله، فهي اليوم أكثر استعصاءً من أي وقت مضى.
ويبقى السؤال: هل يمتلك دونالد ترامب الإرادة والقدرة على التعامل مع مشهد الشرق الأوسط ما بعد 7 أكتوبر؟ الاحتمال ضعيف، لكنه ما زال غير محسوم. فترامب منخرط أكثر من أي وقت مضى في ملف غزة، لكنه أيضًا أكثر عرضةً للانتقادات. لا يبدو أنه يمتلك الصبر اللازم للتفاوض في “سوق” الشرق الأوسط السياسي، كما أن لديه نفوذًا محدودًا على حماس، وربما يفتقر إلى الإرادة السياسية لفرض ضغوط حقيقية على نتنياهو إذا تلكأت إسرائيل في تنفيذ التزاماتها ضمن الخطة.
حتى لو تحوّل ترامب، بشكلٍ سحري، إلى هنري كيسنجر أو جيمس بيكر، فسيظل بحاجة إلى شركاء إقليميين فاعلين وراغبين، وهؤلاء غير موجودين حاليًا – لا في إسرائيل ولا في صفوف الفلسطينيين. يخيّم شبح 7 أكتوبر بثقله وظلاله القاتلة على المنطقة. أما ترامب كصانع سلام؟ فصعب تخيّله، لكنه ربما الخيار الوحيد المتبقي لطريقٍ يمكن أن يستبدل مستقبلًا مظلمًا للإسرائيليين والفلسطينيين بقدرٍ من الأمل والوعد.