يتناول غابرييل أندروسيك في مقاله قضية الأمن الاقتصادي في ظل العولمة، مبينًا كيف أدى تزايد الترابط الاقتصادي العالمي، وتحرير الأسواق، والتطور التكنولوجي إلى إعادة تعريف هذا المفهوم ليشمل أبعادًا جديدة تتجاوز مجرد ضمان الموارد والأسواق وتمويل القدرات العسكرية. يوضح المقال أن العولمة جعلت الاقتصادات أكثر عرضة للأزمات والاضطرابات المالية، وفي الوقت ذاته زادت من الاعتماد المتبادل بين الدول بما يفرض أنماطًا جديدة من التعاون والتنافس. كما يناقش الكيفية التي أصبحت فيها الجيو-اقتصاديات بديلًا عن الجيو-سياسة، حيث باتت القوة الاقتصادية عاملاً رئيسيًا في تحديد مكانة الدول داخل النظام الدولي. ويؤكد أن الدولة، رغم بروز فاعلين جدد كالشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية، ما تزال المزود الأساسي للأمن الاقتصادي، وإن كان عليها التكيف مع التهديدات المستجدة من خلال آليات أكثر وقائية وتعاونية. ويخلص إلى أن الأمن الاقتصادي اليوم يمثل مفهومًا ديناميًا ومعقدًا، محمّلًا بالتناقضات، لكنه يظل عنصرًا أساسيًا لتحقيق الأمن القومي.
Economic Security – New Approaches in the Context of Globalization
تواجه دول العالم في الآونة الأخيرة العديد من التقلبات، وفي ظل اقتصاد عالمي يزداد اندماجًا، فقد أثارت هذه التطورات اهتمامًا متزايدًا بمفهوم الأمن الاقتصادي ودفعت إلى إعادة تعريفه. وفي الوقت نفسه، شجّعت على البحث عن وصفات سياسية جديدة لتعزيز هذا الأمن الاقتصادي وتقويته في البيئة المستجدة. إذ تُعد العولمة العامل الأساسي الذي قوض التعريف القديم للأمن الاقتصادي، وجعلت الحاجة ماسة لتعريف جديد يستوعب النتائج السببية للعولمة ويضع معايير مرجعية صريحة لقياس آثارها على الأمن الاقتصادي.
في الوقت الراهن، أكثر من أي وقت مضى، أصبحت العلاقات الاقتصادية بين الدول هي التي تحدد الطابع العام لعلاقاتها المتبادلة. فالصراعات لم تعد تدور بالأساس حول الأيديولوجيات أو السيطرة على السلطة السياسية، بل أصبحت مرتبطة أكثر بالصراع على الموارد، أو السيطرة على الأقاليم الغنية بالثروات المعدنية والسلع النفيسة أو الطرق التي تُنقل عبرها إلى الأسواق.
ولا يُعد الأمن الاقتصادي هاجسًا جديدًا لدى الحكومات؛ فالأدوات الاقتصادية كانت منذ زمن طويل جزءًا من أدوات صناعة السياسات الخارجية ووسيلة للتأثير على الدول الأخرى وسياساتها. غير أن محللي العلاقات الدولية الذين اعترفوا دومًا بقوة السلاح لم يتمكنوا من التوصل إلى إجماع حول أهمية وجدوى وتعريف مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية. فبينما شكك الواقعيون في مدى نجاعة وقوة الأدوات الاقتصادية في تطبيع العلاقات الدولية، قدّم النيوليبراليون نقدًا للطرح الواقعي، مؤكدين أن الاعتماد الاقتصادي المتزايد بين الدول في السياق الراهن قد يؤدي إلى سلوك تعاوني فيما بينها، نظرًا للتكلفة العالية المترتبة على الانفكاك من هذا النظام. إضافة إلى ذلك، فإن هذا الاعتماد المتبادل يوسع من نطاق استخدام السياسات القسرية غير العنيفة، ولكنه في الوقت نفسه قد يُعمّق الفجوات بين الدول القوية المتقدمة والدول الضعيفة الأقل تطورًا.
إن عملية العولمة، والسير نحو اقتصاد عالمي موحّد في مجالات السلع والخدمات ورأس المال، تجعل من دمج البُعد الاقتصادي في سياسات الأمن القومي ضرورة ملحّة. وأخيرًا، يبقى الأداء الاقتصادي هو العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد القدرات العسكرية للدول ومستوى رفاهية مواطنيها.
في الوقت الراهن، أكثر من أي وقت مضى، أصبحت العلاقات الاقتصادية بين الدول هي التي تحدد الطابع العام لعلاقاتها المتبادلة. فالصراعات لم تعد تدور بالأساس حول الأيديولوجيات أو السيطرة على السلطة السياسية، بل أصبحت مرتبطة أكثر بالصراع على الموارد، أو السيطرة على الأقاليم الغنية بالثروات المعدنية والسلع النفيسة أو الطرق التي تُنقل عبرها إلى الأسواق.
ولا يُعد الأمن الاقتصادي هاجسًا جديدًا لدى الحكومات؛ فالأدوات الاقتصادية كانت منذ زمن طويل جزءًا من أدوات صناعة السياسات الخارجية ووسيلة للتأثير على الدول الأخرى وسياساتها. غير أن محللي العلاقات الدولية الذين اعترفوا دومًا بقوة السلاح لم يتمكنوا من التوصل إلى إجماع حول أهمية وجدوى وتعريف مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية. فبينما شكك الواقعيون في مدى نجاعة وقوة الأدوات الاقتصادية في تطبيع العلاقات الدولية، قدّم النيوليبراليون نقدًا للطرح الواقعي، مؤكدين أن الاعتماد الاقتصادي المتزايد بين الدول في السياق الراهن قد يؤدي إلى سلوك تعاوني فيما بينها، نظرًا للتكلفة العالية المترتبة على الانفكاك من هذا النظام. إضافة إلى ذلك، فإن هذا الاعتماد المتبادل يوسع من نطاق استخدام السياسات القسرية غير العنيفة، ولكنه في الوقت نفسه قد يُعمّق الفجوات بين الدول القوية المتقدمة والدول الضعيفة الأقل تطورًا.
إن عملية العولمة، والسير نحو اقتصاد عالمي موحّد في مجالات السلع والخدمات ورأس المال، تجعل من دمج البُعد الاقتصادي في سياسات الأمن القومي ضرورة ملحّة. وأخيرًا، يبقى الأداء الاقتصادي هو العامل الأكثر تأثيرًا في تحديد القدرات العسكرية للدول ومستوى رفاهية مواطنيها.
المنظورات النظرية حول الأمن الاقتصادي
انطلاقًا من مقولة بالدوين (1997، ص. 12) الذي اعتبر أنّ الأمن مفهوم مُربك ويحتاج إلى مزيد من التوضيح، يمكن القول إنّ الأمن الاقتصادي بدوره يُعد مفهومًا جدليًا ذو تأثيرات سياسية، بل إنّ وجوده ذاته في ظل النظام الرأسمالي قد كان محل تساؤل، نظرًا لكون الفاعلين في السوق يجب أن يعيشوا حالة من عدم اليقين، وإلا أصبح السوق غير فعّال.
يرى بوزان أنّ الأمن الاقتصادي يتموضع في صميم النقاشات المكثّفة التي تتعلق بالعلاقة بين البنية السياسية الفوضوية وبنية السوق الاقتصادية. وقد ركزت المقاربات المختلفة على موقع الدول والمجتمعات بالنسبة للأسواق، وكذلك على وضعية الفاعلين الاقتصاديين الأفراد الذين يملكون مطالبهم الخاصة وعلاقتهم بالأسواق.
وبحسب هوف، فإن دراسة الاقتصاد العالمي تقوم على ثلاثة مقاربات رئيسية يمكن النظر إليها، إضافة إلى كونها أُطُرًا مفاهيمية، كأيديولوجيات لتعزيز الأمن الاقتصادي. ومن هذا المنطلق يمكن تحقيق الأمن الاقتصادي بطرق ثلاث: من منظور ليبرالي عبر المزيد من العولمة، ومن منظور مركنتيلي عبر الحد من العولمة، أما من منظور ماركسي فيمكن تحقيقه عبر تغيير جذري على المستوى العالمي. وبذلك، فإنّ التوجهات الأيديولوجية المختلفة تُنتج رؤى متعددة لأولويات خطاب الأمن الاقتصادي، غير أنّ هذا الخطاب اليوم يخضع بالأساس لهيمنة الأجندة الليبرالية وما ترتب عليها من نتائج في مجالات التجارة والإنتاج والتمويل (بوزان وآخرون، 1998، ص. 96).
في الوقت نفسه، فإن فهم الأمن الاقتصادي والإجابة عن إشكالياته يكون أوضح إذا ما وُضع في سياقاته التاريخية والسياسية والاجتماعية للدول ومجتمعاتها، وكذلك في البيئة الاستراتيجية التي توجد فيها. ومع ذلك، من المهم تجنّب المبالغة في توسيع مفهوم الأمن الاقتصادي ليشمل كل المخاطر الاقتصادية، لأن ذلك من شأنه تعقيد صياغة سياسات أمنية ناجعة في اقتصاد عالمي مترابط. لكن من الضروري أيضًا الحذر من تضييق التعريف بشكل مفرط بحيث يُعمَّم قلق أمني خاص بدولة معينة على جميع الدول والمجتمعات.
تقليديًا، حظي الاقتصاد باهتمام الأمن القومي عبر تأثيره المباشر في تمويل القدرات الدفاعية وضمان صناعة حربية مبتكرة وفعّالة، وكذلك من خلال أدوات مثل العقوبات الاقتصادية وغيرها من الوسائل غير العسكرية. وقد ارتبط النجاح طويل الأمد للقوة الوطنية بقدرة الدولة على بناء اقتصاد أداء وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ويُشير بوزان إلى أنّ الأمن الاقتصادي يرتبط بالقدرة على الوصول إلى الموارد والتمويل والأسواق اللازمة لدعم مستويات مقبولة من الثروة والقوة في الدولة. وبنهج مماثل، يرى تسيرتيلي أنّ الأمن الاقتصادي يتعلّق بالضمان طويل المدى للوصول إلى الفرص الاقتصادية في الأسواق والموارد مثل رأس المال البشري، ورأس المال المالي، والطاقة، والمياه، والتكنولوجيا، والتعليم. ويُعتبر هذا المفهوم بالغ الأهمية للأفراد والدول على حد سواء، إذ لا يمكن بناء مجتمعات حرة إلا بأفراد أحرار، وتقوم حرية هؤلاء الأفراد بالأساس على أمنهم الاقتصادي. ومن هنا، فإن الاستقرار الداخلي طويل المدى لأي دولة يُعد العامل الرئيس في أمنها القومي، مع عدم إمكانية تحقيق الاستقرار دون نمو اقتصادي وإتاحة الفرص أمام الأفراد لاختيار أنشطتهم الاقتصادية بحرية.
ويُشير ديك نانتو إلى أنّ الاقتصاد جزء من النقاش حول الأمن بسبب ثلاثة أدوار متداخلة: الدور الأول يتمثل في الاقتصاد كمصدر للتمويل والمواد والموارد البشرية اللازمة للقوة العسكرية؛ والثاني باعتباره مُعززًا للأمن الاقتصادي والرفاهية؛ والثالث باعتباره قاعدة للتفاعلات بين الدول سواء كانت مصالحها مشتركة أم متنافسة.
وعلى مستوى الدولة ككل، فإن الأمن الاقتصادي ذو دلالة أوسع، إذ يمكن النظر إلى دور الاقتصاد في الأمن القومي من زاويتين: ماكرو اقتصادية تتعلق بالموازنة وتقليص العجز، وميكرو اقتصادية تركز على ضمان شروط الرفاه العامة للسكان ودعم بقية مكونات الأمن القومي. فالاقتصاد يُشكل قاعدة أساسية لكل منها عبر توفير الأموال والموارد البشرية ورأس المال والمنتجات، فضلًا عن الثقافة والنموذج الاقتصادي الملهم.
ويقوم الاقتصاد الفعّال على مزيج من السياسات المالية والحكومية والنقدية والصناعية، إضافة إلى نوعية وحجم الموارد البشرية، والتقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا، وحركة التجارة وتدفقات رأس المال الدولي.
كما يُمكن تعريف الأمن الاقتصادي بكونه وجود الوسائل والفرص اللازمة لضمان الرفاه ضمن نظام اقتصادي نابض بالحياة، متاح، وينمو بشكل مستقر. وهو ما ينعكس في دخل ثابت، أو وظيفة، أو دعم ريادي يُمكّن الفرد من الحفاظ على مستوى معيشي مقبول. وفي المقابل، فإن غياب الأمن الاقتصادي يصبح أكثر خطورة في فترات الركود وارتفاع معدلات البطالة والإفلاس، وعندما يتسع الفارق بين التوقعات الاقتصادية والواقع الفعلي. أما بالنسبة للدولة، فإن الأمن طويل المدى يعتمد بدرجة كبيرة على ضمان وجود اقتصاد ديناميكي ومتصاعد النمو.
يرى بوزان أنّ الأمن الاقتصادي يتموضع في صميم النقاشات المكثّفة التي تتعلق بالعلاقة بين البنية السياسية الفوضوية وبنية السوق الاقتصادية. وقد ركزت المقاربات المختلفة على موقع الدول والمجتمعات بالنسبة للأسواق، وكذلك على وضعية الفاعلين الاقتصاديين الأفراد الذين يملكون مطالبهم الخاصة وعلاقتهم بالأسواق.
وبحسب هوف، فإن دراسة الاقتصاد العالمي تقوم على ثلاثة مقاربات رئيسية يمكن النظر إليها، إضافة إلى كونها أُطُرًا مفاهيمية، كأيديولوجيات لتعزيز الأمن الاقتصادي. ومن هذا المنطلق يمكن تحقيق الأمن الاقتصادي بطرق ثلاث: من منظور ليبرالي عبر المزيد من العولمة، ومن منظور مركنتيلي عبر الحد من العولمة، أما من منظور ماركسي فيمكن تحقيقه عبر تغيير جذري على المستوى العالمي. وبذلك، فإنّ التوجهات الأيديولوجية المختلفة تُنتج رؤى متعددة لأولويات خطاب الأمن الاقتصادي، غير أنّ هذا الخطاب اليوم يخضع بالأساس لهيمنة الأجندة الليبرالية وما ترتب عليها من نتائج في مجالات التجارة والإنتاج والتمويل (بوزان وآخرون، 1998، ص. 96).
في الوقت نفسه، فإن فهم الأمن الاقتصادي والإجابة عن إشكالياته يكون أوضح إذا ما وُضع في سياقاته التاريخية والسياسية والاجتماعية للدول ومجتمعاتها، وكذلك في البيئة الاستراتيجية التي توجد فيها. ومع ذلك، من المهم تجنّب المبالغة في توسيع مفهوم الأمن الاقتصادي ليشمل كل المخاطر الاقتصادية، لأن ذلك من شأنه تعقيد صياغة سياسات أمنية ناجعة في اقتصاد عالمي مترابط. لكن من الضروري أيضًا الحذر من تضييق التعريف بشكل مفرط بحيث يُعمَّم قلق أمني خاص بدولة معينة على جميع الدول والمجتمعات.
تقليديًا، حظي الاقتصاد باهتمام الأمن القومي عبر تأثيره المباشر في تمويل القدرات الدفاعية وضمان صناعة حربية مبتكرة وفعّالة، وكذلك من خلال أدوات مثل العقوبات الاقتصادية وغيرها من الوسائل غير العسكرية. وقد ارتبط النجاح طويل الأمد للقوة الوطنية بقدرة الدولة على بناء اقتصاد أداء وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ويُشير بوزان إلى أنّ الأمن الاقتصادي يرتبط بالقدرة على الوصول إلى الموارد والتمويل والأسواق اللازمة لدعم مستويات مقبولة من الثروة والقوة في الدولة. وبنهج مماثل، يرى تسيرتيلي أنّ الأمن الاقتصادي يتعلّق بالضمان طويل المدى للوصول إلى الفرص الاقتصادية في الأسواق والموارد مثل رأس المال البشري، ورأس المال المالي، والطاقة، والمياه، والتكنولوجيا، والتعليم. ويُعتبر هذا المفهوم بالغ الأهمية للأفراد والدول على حد سواء، إذ لا يمكن بناء مجتمعات حرة إلا بأفراد أحرار، وتقوم حرية هؤلاء الأفراد بالأساس على أمنهم الاقتصادي. ومن هنا، فإن الاستقرار الداخلي طويل المدى لأي دولة يُعد العامل الرئيس في أمنها القومي، مع عدم إمكانية تحقيق الاستقرار دون نمو اقتصادي وإتاحة الفرص أمام الأفراد لاختيار أنشطتهم الاقتصادية بحرية.
ويُشير ديك نانتو إلى أنّ الاقتصاد جزء من النقاش حول الأمن بسبب ثلاثة أدوار متداخلة: الدور الأول يتمثل في الاقتصاد كمصدر للتمويل والمواد والموارد البشرية اللازمة للقوة العسكرية؛ والثاني باعتباره مُعززًا للأمن الاقتصادي والرفاهية؛ والثالث باعتباره قاعدة للتفاعلات بين الدول سواء كانت مصالحها مشتركة أم متنافسة.
وعلى مستوى الدولة ككل، فإن الأمن الاقتصادي ذو دلالة أوسع، إذ يمكن النظر إلى دور الاقتصاد في الأمن القومي من زاويتين: ماكرو اقتصادية تتعلق بالموازنة وتقليص العجز، وميكرو اقتصادية تركز على ضمان شروط الرفاه العامة للسكان ودعم بقية مكونات الأمن القومي. فالاقتصاد يُشكل قاعدة أساسية لكل منها عبر توفير الأموال والموارد البشرية ورأس المال والمنتجات، فضلًا عن الثقافة والنموذج الاقتصادي الملهم.
ويقوم الاقتصاد الفعّال على مزيج من السياسات المالية والحكومية والنقدية والصناعية، إضافة إلى نوعية وحجم الموارد البشرية، والتقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا، وحركة التجارة وتدفقات رأس المال الدولي.
كما يُمكن تعريف الأمن الاقتصادي بكونه وجود الوسائل والفرص اللازمة لضمان الرفاه ضمن نظام اقتصادي نابض بالحياة، متاح، وينمو بشكل مستقر. وهو ما ينعكس في دخل ثابت، أو وظيفة، أو دعم ريادي يُمكّن الفرد من الحفاظ على مستوى معيشي مقبول. وفي المقابل، فإن غياب الأمن الاقتصادي يصبح أكثر خطورة في فترات الركود وارتفاع معدلات البطالة والإفلاس، وعندما يتسع الفارق بين التوقعات الاقتصادية والواقع الفعلي. أما بالنسبة للدولة، فإن الأمن طويل المدى يعتمد بدرجة كبيرة على ضمان وجود اقتصاد ديناميكي ومتصاعد النمو.
الأمن الاقتصادي وعملية العولمة
في السنوات الأخيرة، أدت التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية إلى تفاقم حالة انعدام الأمن على مستوى العالم. فقد أصبحت الاقتصاديات العالمية أكثر اندماجًا، ولكن أيضًا أكثر هشاشة. وأدى تزايد الاعتماد المتبادل عالميًا إلى ارتفاع مستوى ضعف الاقتصادات، في حين أن التخصص الاقتصادي الأعلى الناتج عن التجارة (على أساس مبدأ "الميزة النسبية") كان يعني أحيانًا تعديلات مؤلمة للعمال والمجتمعات، وهو ما ولّد شعورًا بعدم الأمان. علاوة على ذلك، شهدت التدفقات الرأسمالية ارتفاعًا كبيرًا وأصبحت أكثر تقلبًا. وبالتوازي مع ذلك، تواجه الدول النامية تدفقات رأسمالية متزايدة وأكثر تقلبًا، في حين تراجعت قدرتها على مواجهتها من خلال الضوابط والقيود بشكل مستمر. كما شهد السوق المالي اندماجًا كبيرًا أثّر على استقلالية القرار السياسي على المستوى الوطني.
أصبح الاقتصاد العالمي أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية والركود العميق، التي تتسم بانتشارها المفاجئ من بلد أو إقليم إلى آخر. وقد رافق التحرير الاقتصادي نموًا في الصدمات النظامية التي ولّدت حالة من انعدام الأمن يصعب تغطيتها عبر أدوات التأمين التقليدية. ومع العولمة، أصبحت الأزمات الاقتصادية في بلد أو منطقة ما أكثر قدرة على التأثير في اقتصادات أخرى. وأصبح "العدوى الاقتصادية" هاجسًا لجميع دول العالم – فعلى سبيل المثال، بعد أزمة الدين الروسي في أغسطس 1998، كانت البرازيل والأرجنتين من أكثر الدول تضررًا رغم أن علاقاتهما الاقتصادية مع روسيا كانت شبه معدومة.
من وجهة نظر نسادوراي، فإن أي تعريف للأمن الاقتصادي لا يأخذ في الاعتبار حالة العولمة الاقتصادية لا يعكس واقع الحياة المعاصرة. ولا يقف الأمن الاقتصادي عند حدود التقلبات المعتادة في الناتج المحلي الإجمالي، أو معدلات التوظيف، أو الإنتاجية، أو غيرها من المؤشرات الاقتصادية التقليدية التي شغلت خبراء الاقتصاد لعقود، بل أصبح يشمل التدفقات الرأسمالية العالمية والأسواق المالية والمنتجات التي تُدار عبر هذه التدفقات. فمن خلال هذه القنوات، يمكن تدمير العملات، وتمرير التضخم، واستنزاف الأسهم، وزعزعة استقرار المؤسسات المالية.
كما يحدد كاهلر ثلاثة حجج رئيسية تؤيد العولمة فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي. أولًا، حتى الحكومات التي تبنت النهج التقليدي في السياسات الدولية المعتمد على القوة العسكرية رأت أن ارتباطها بالاقتصاد العالمي يمثل عنصر قوة لاقتصادها الوطني، وبنيتها التكنولوجية، وفي نهاية المطاف لقدرتها العسكرية. أما الدول التي رفضت الانخراط في التبادل الاقتصادي الدولي الواسع فقد واجهت خطر التفوق العسكري التقليدي لغيرها.
ثانيًا، ساهمت العولمة في تقليص مستوى الضعف من خلال تنويع الموردين والأسواق، كما أن فرض العقوبات الاقتصادية بشكل أحادي أصبح أكثر صعوبة، وهو ما قلّص من هشاشة الدول. ثالثًا، أدى التحرير الاقتصادي إلى تخلي الحكومات عن جزء من نفوذها على الفاعلين الاقتصاديين الخاصين، مما قلل من فعالية أدوات التأثير الاقتصادي للدولة. وعلى المدى البعيد، يمكن أن يؤدي التكامل الاقتصادي إلى تحولات أعمق، تدفع نحو إعادة تعريف الرؤية الخاصة بالأمن الوطني، في اتجاه أقل عسكرية.
وقد أدخلت العولمة إلى النقاش تعريفات جديدة للأمن الاقتصادي تتمحور حول نوعين من التدفقات: التدفقات غير المشروعة التي يصعب ضبطها ويمكن أن تتخذ شكل معاملات اقتصادية مشروعة (مثل الإرهاب والجريمة والتلوث)، والصدمات الاقتصادية (خصوصًا المالية) التي قد تقوض النمو الاقتصادي، وتزيد من حدة التفاوت، وتهدد الاستقرار السياسي.
تقترح هيلين نسادوراي مقاربة شاملة لمفهوم الأمن الاقتصادي تأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والاقتصادية أيضًا. وفي المقابل، تركز المقاربات الشاملة للأمن الاقتصادي على متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة باعتبارها وسيلة لتعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وهي عادةً ما تشجع رؤية إيجابية، إذ ترى في الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول عنصرًا ميسرًا عند متابعة المصالح الاقتصادية المتكاملة من خلال الاندماج الاقتصادي الدولي.
إلى جانب القوة الاقتصادية التي تسعى النخب الحاكمة لضمانها في إطار التنافس السياسي بين الدول، يمكن تحديد ثلاث قيم اقتصادية أخرى يتعين على الدول والمجتمعات تحقيقها في عالم معولم. تتمثل هذه القيم في ضمان الدخل والاستهلاك لتغطية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، والحفاظ على سلامة الأسواق، وضمان التوزيع العادل للموارد. وتشكل هذه القيم تصورًا بديلًا للأمن الاقتصادي، أكثر قدرة على استيعاب حقائق الرأسمالية العالمية.
في هذا التصور البديل، ينقسم الأمن الاقتصادي إلى بعدين: بعد جزئي (متعلق بالفرد) يركز على الفرد بوصفه المرجع الأساسي للأمن، ويهدف إلى ضمان أمن الدخل والوصول إلى مستوى استهلاك يغطي الاحتياجات الإنسانية والعائلية الأساسية. وبعد كلي (متعلق بالمجتمع والدولة) يركز على ضمان متانة السوق وقدرته على توليد النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية. ويتحقق ذلك من خلال وجود مؤسسات كافية في السوق، بما في ذلك نظام للملكية والعقود يضمن تكافؤ الفرص للأفراد في استغلال الإمكانيات الاقتصادية. كما يتحقق الأمن الاقتصادي عبر نظام توزيع عادل، وهو أمر يُعترف به اليوم باعتباره ضروريًا لضمان الاستقرار السياسي للرأسمالية.
إن هذا البعد الاقتصادي للأمن يتجاوز منطق التنافس بين الدول ومنطق القوة السياسية، لكنه لا يلغي في الوقت نفسه المقاربة الواقعية التقليدية، إذ قد تظل صالحة لتمثيل أوضاع بعض الدول في لحظات معينة من الزمن.
أصبح الاقتصاد العالمي أكثر عرضة للأزمات الاقتصادية والركود العميق، التي تتسم بانتشارها المفاجئ من بلد أو إقليم إلى آخر. وقد رافق التحرير الاقتصادي نموًا في الصدمات النظامية التي ولّدت حالة من انعدام الأمن يصعب تغطيتها عبر أدوات التأمين التقليدية. ومع العولمة، أصبحت الأزمات الاقتصادية في بلد أو منطقة ما أكثر قدرة على التأثير في اقتصادات أخرى. وأصبح "العدوى الاقتصادية" هاجسًا لجميع دول العالم – فعلى سبيل المثال، بعد أزمة الدين الروسي في أغسطس 1998، كانت البرازيل والأرجنتين من أكثر الدول تضررًا رغم أن علاقاتهما الاقتصادية مع روسيا كانت شبه معدومة.
من وجهة نظر نسادوراي، فإن أي تعريف للأمن الاقتصادي لا يأخذ في الاعتبار حالة العولمة الاقتصادية لا يعكس واقع الحياة المعاصرة. ولا يقف الأمن الاقتصادي عند حدود التقلبات المعتادة في الناتج المحلي الإجمالي، أو معدلات التوظيف، أو الإنتاجية، أو غيرها من المؤشرات الاقتصادية التقليدية التي شغلت خبراء الاقتصاد لعقود، بل أصبح يشمل التدفقات الرأسمالية العالمية والأسواق المالية والمنتجات التي تُدار عبر هذه التدفقات. فمن خلال هذه القنوات، يمكن تدمير العملات، وتمرير التضخم، واستنزاف الأسهم، وزعزعة استقرار المؤسسات المالية.
كما يحدد كاهلر ثلاثة حجج رئيسية تؤيد العولمة فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي. أولًا، حتى الحكومات التي تبنت النهج التقليدي في السياسات الدولية المعتمد على القوة العسكرية رأت أن ارتباطها بالاقتصاد العالمي يمثل عنصر قوة لاقتصادها الوطني، وبنيتها التكنولوجية، وفي نهاية المطاف لقدرتها العسكرية. أما الدول التي رفضت الانخراط في التبادل الاقتصادي الدولي الواسع فقد واجهت خطر التفوق العسكري التقليدي لغيرها.
ثانيًا، ساهمت العولمة في تقليص مستوى الضعف من خلال تنويع الموردين والأسواق، كما أن فرض العقوبات الاقتصادية بشكل أحادي أصبح أكثر صعوبة، وهو ما قلّص من هشاشة الدول. ثالثًا، أدى التحرير الاقتصادي إلى تخلي الحكومات عن جزء من نفوذها على الفاعلين الاقتصاديين الخاصين، مما قلل من فعالية أدوات التأثير الاقتصادي للدولة. وعلى المدى البعيد، يمكن أن يؤدي التكامل الاقتصادي إلى تحولات أعمق، تدفع نحو إعادة تعريف الرؤية الخاصة بالأمن الوطني، في اتجاه أقل عسكرية.
وقد أدخلت العولمة إلى النقاش تعريفات جديدة للأمن الاقتصادي تتمحور حول نوعين من التدفقات: التدفقات غير المشروعة التي يصعب ضبطها ويمكن أن تتخذ شكل معاملات اقتصادية مشروعة (مثل الإرهاب والجريمة والتلوث)، والصدمات الاقتصادية (خصوصًا المالية) التي قد تقوض النمو الاقتصادي، وتزيد من حدة التفاوت، وتهدد الاستقرار السياسي.
تقترح هيلين نسادوراي مقاربة شاملة لمفهوم الأمن الاقتصادي تأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والاقتصادية أيضًا. وفي المقابل، تركز المقاربات الشاملة للأمن الاقتصادي على متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة باعتبارها وسيلة لتعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي. وهي عادةً ما تشجع رؤية إيجابية، إذ ترى في الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول عنصرًا ميسرًا عند متابعة المصالح الاقتصادية المتكاملة من خلال الاندماج الاقتصادي الدولي.
إلى جانب القوة الاقتصادية التي تسعى النخب الحاكمة لضمانها في إطار التنافس السياسي بين الدول، يمكن تحديد ثلاث قيم اقتصادية أخرى يتعين على الدول والمجتمعات تحقيقها في عالم معولم. تتمثل هذه القيم في ضمان الدخل والاستهلاك لتغطية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، والحفاظ على سلامة الأسواق، وضمان التوزيع العادل للموارد. وتشكل هذه القيم تصورًا بديلًا للأمن الاقتصادي، أكثر قدرة على استيعاب حقائق الرأسمالية العالمية.
في هذا التصور البديل، ينقسم الأمن الاقتصادي إلى بعدين: بعد جزئي (متعلق بالفرد) يركز على الفرد بوصفه المرجع الأساسي للأمن، ويهدف إلى ضمان أمن الدخل والوصول إلى مستوى استهلاك يغطي الاحتياجات الإنسانية والعائلية الأساسية. وبعد كلي (متعلق بالمجتمع والدولة) يركز على ضمان متانة السوق وقدرته على توليد النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية. ويتحقق ذلك من خلال وجود مؤسسات كافية في السوق، بما في ذلك نظام للملكية والعقود يضمن تكافؤ الفرص للأفراد في استغلال الإمكانيات الاقتصادية. كما يتحقق الأمن الاقتصادي عبر نظام توزيع عادل، وهو أمر يُعترف به اليوم باعتباره ضروريًا لضمان الاستقرار السياسي للرأسمالية.
إن هذا البعد الاقتصادي للأمن يتجاوز منطق التنافس بين الدول ومنطق القوة السياسية، لكنه لا يلغي في الوقت نفسه المقاربة الواقعية التقليدية، إذ قد تظل صالحة لتمثيل أوضاع بعض الدول في لحظات معينة من الزمن.
الخاتمة
في عالم معولم يزداد فيه عدد الفاعلين على الساحة الدولية (الدول، الشركات متعددة الجنسيات، والمنظمات الدولية المختلفة) ومع تنامي الاعتماد المتبادل، لم يعد الأمن الاقتصادي قضية تخص السياسات الداخلية للدول فقط. بل أصبح، إلى حد ما، عاملًا من عوامل الاستقرار أو عدم الاستقرار فيما يتعلق بالصراعات السياسية – العسكرية. ونتيجة لذلك، اكتسب البُعد الاقتصادي دورًا متزايدًا في الشؤون السياسية، مما أدى إلى تغييرات في أساليب التعامل مع الأزمات، بالانتقال من الحلول "التفاعلية" إلى الحلول "الوقائية". وقد حلّت الجيو-اقتصاديات محل الجيو-سياسات، وأصبحت الشاغل الرئيسي للفاعلين الدوليين، حيث بات يُنظر إلى القوة الاقتصادية باعتبارها العامل الحاسم في تحديد تفوق أو تبعية الدول داخل النظام الدولي.
أدت التغيرات الكبيرة على الساحة الدولية، وتكثيف العولمة، وزيادة الاعتماد الاقتصادي المتبادل، والتطور التكنولوجي، والثورة المعلوماتية إلى توسيع مفهوم الأمن الاقتصادي. ولم يعد هذا المفهوم يقف عند حدود ضمان الوصول إلى الموارد والأسواق، أو تمويل القدرات العسكرية، أو استخدام أدوات التأثير الاقتصادي للدولة، بل اتسع ليشمل تكامل وترابط الاقتصاد العالمي، وتدفقات المنتجات ورؤوس الأموال، وتعدد القنوات التي تنقل الأزمات الاقتصادية، إضافة إلى الأبعاد الاجتماعية–الاقتصادية وانعكاسات القطاع الاقتصادي على الرفاهية والأمن والتنمية في المجتمعات.
وعلى الرغم من عملية العولمة وتآكل المؤسسات الوطنية أمام بروز فاعلين دوليين جدد، فإن مؤسسات الدولة ما تزال المزود الرئيس للأمن الاقتصادي. إلا أن الدول، في ضوء البيئة الدولية الجديدة، باتت بحاجة إلى التعاون فيما بينها ومع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وأن تطور من آلياتها لمواجهة التحديات التي تفرضها التهديدات المستجدة على الأمن الاقتصادي.
لقد ساهمت العولمة في إعادة صياغة مفهوم الأمن الاقتصادي، ليس فقط عبر توسيع نطاقه وتعقيده وزيادة عدد الفاعلين المنخرطين فيه، وإنما أيضًا عبر إعادة النظر في طبيعة التهديدات ذاتها.
وأخيرًا، تنبع أهمية الأمن الاقتصادي من كونه مكوّنًا رئيسيًا في عملية تحقيق الأمن القومي، إذ يمثل عاملًا مولدًا ومقيّدًا في آن واحد لتحقيقه. وفي هذا السياق، أصبح الأمن الاقتصادي مفهومًا مهمًا، ديناميًا ومعقدًا، يتعين عليه أن يواجه تحديات البيئة الدولية الجديدة، رغم أن فكرة الأمن الاقتصادي ما تزال – كما وصفها بوزان – مليئة بـ"التناقضات والمفارقات".
أدت التغيرات الكبيرة على الساحة الدولية، وتكثيف العولمة، وزيادة الاعتماد الاقتصادي المتبادل، والتطور التكنولوجي، والثورة المعلوماتية إلى توسيع مفهوم الأمن الاقتصادي. ولم يعد هذا المفهوم يقف عند حدود ضمان الوصول إلى الموارد والأسواق، أو تمويل القدرات العسكرية، أو استخدام أدوات التأثير الاقتصادي للدولة، بل اتسع ليشمل تكامل وترابط الاقتصاد العالمي، وتدفقات المنتجات ورؤوس الأموال، وتعدد القنوات التي تنقل الأزمات الاقتصادية، إضافة إلى الأبعاد الاجتماعية–الاقتصادية وانعكاسات القطاع الاقتصادي على الرفاهية والأمن والتنمية في المجتمعات.
وعلى الرغم من عملية العولمة وتآكل المؤسسات الوطنية أمام بروز فاعلين دوليين جدد، فإن مؤسسات الدولة ما تزال المزود الرئيس للأمن الاقتصادي. إلا أن الدول، في ضوء البيئة الدولية الجديدة، باتت بحاجة إلى التعاون فيما بينها ومع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وأن تطور من آلياتها لمواجهة التحديات التي تفرضها التهديدات المستجدة على الأمن الاقتصادي.
لقد ساهمت العولمة في إعادة صياغة مفهوم الأمن الاقتصادي، ليس فقط عبر توسيع نطاقه وتعقيده وزيادة عدد الفاعلين المنخرطين فيه، وإنما أيضًا عبر إعادة النظر في طبيعة التهديدات ذاتها.
وأخيرًا، تنبع أهمية الأمن الاقتصادي من كونه مكوّنًا رئيسيًا في عملية تحقيق الأمن القومي، إذ يمثل عاملًا مولدًا ومقيّدًا في آن واحد لتحقيقه. وفي هذا السياق، أصبح الأمن الاقتصادي مفهومًا مهمًا، ديناميًا ومعقدًا، يتعين عليه أن يواجه تحديات البيئة الدولية الجديدة، رغم أن فكرة الأمن الاقتصادي ما تزال – كما وصفها بوزان – مليئة بـ"التناقضات والمفارقات".