يتناول آرون جين في مقاله المنشور على Wall Street Journal تصاعد حرب الشرائح العالمية، مسلطًا الضوء على خطة بكين المحتملة لتقييد أو حتى حظر وحدات معالجة الرسوميات الأميركية (GPUs) وعلى رأسها إنفيديا. ورغم أن الصين تروّج للحظر باعتباره قوة، فإنه يعكس في الواقع اعتمادها الكبير على التكنولوجيا الأميركية وعجزها عن منافسة النظام البيئي المتكامل الذي تمثله إنفيديا من خلال برمجيات CUDA ومجتمع المطورين المرتبط بها. يشير المقال إلى أن القيود الصينية قد تكلف إنفيديا مليارات وتدفع الصين لتسريع بناء نظام موازٍ للذكاء الاصطناعي، لكنها في جوهرها خطوة دفاعية وليست هجومية. ويرى الكاتب أن على واشنطن الرد بتوسيع حضور تقنياتها عالميًا، خصوصًا في آسيا، والاعتماد على الانخراط والأسواق الحرة بدلًا من سياسات الحظر، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تربح سباق الذكاء الاصطناعي عبر قيادتها للمنصات والأنظمة البيئية لا عبر الانسحاب منها.
China’s Nvidia Ban Is a Win for the U.S.
تشتعل حروب الشرائح عالميًا. فبكين تستعد لفرض قيود—وربما حظر—على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) المصنعة في الولايات المتحدة. الهدف هو شركة إنفيديا، لكن التداعيات ستطال أيضًا شركات مثل AMD وPositron وGroq وغيرها من المصنعين الأصغر. وقد قدمت الصين هذه الخطوة كعرضٍ للقوة، لكنها في الواقع اعترافٌ بالضعف.
إن تصدير وحدات المعالجة الأميركية وذكاءها الاصطناعي أمر منطقي واستراتيجي. فالصين تثبت هذه النقطة بنفسها. إذ إن اعتمادها المتزايد على البنية التحتية الأميركية أثار قلق قادتها، وهو ما لا يعجبهم. لكن قبل أن ترد واشنطن على القيود الصينية على واردات وحدات المعالجة الأميركية، من المهم إدراك أن الإنتاج المحلي الصيني ما يزال متأخرًا. فمصانعها ما زالت عالقة في تصاميم تعود لخمسة أعوام على الأقل خلف خط المقدمة. وتشير التقديرات الصناعية إلى أن إنتاج الصين الكامل من وحدات المعالجة في العام المقبل لن يعادل سوى إنتاج AMD، وهي لاعب من الدرجة الثانية مقارنة بإنفيديا.
وتفضل شركات الذكاء الاصطناعي الصينية إنفيديا على هواوي لسبب بسيط: CUDA، وهي مجموعة من المكتبات البرمجية منخفضة المستوى التي تحسن أداء العتاد المخصص للذكاء الاصطناعي. إن النظام البرمجي لإنفيديا، ومجتمع المطورين، والأدوات المساندة يجعل عتادها أكثر قيمة بكثير من مجرد مواصفاته. تستطيع هواوي إنتاج عتاد جيد، لكنها لا تستطيع المنافسة من دون الدعم البرمجي. ولهذا السبب كان تبني الشرائح المحلية في الصين بطيئًا، رغم الإعانات الضخمة والضغط السياسي.
المحللون المؤيدون للرقابة على الصادرات الذين سبق أن اعتبروا إنفيديا مجرد قطعة معدن، وزعموا أن الصين يمكن أن تستنسخها بسهولة، يتفاجأون الآن من صعوبة انتقال الصين من CUDA. لكن إنفيديا ليست مجرد عتاد؛ إنها منصة بالدرجة الأولى. قوتها تكمن في الدمج بين البرمجيات والعتاد. وكل وحدة معالجة تُشحن إلى الخارج هي ارتباط إضافي بالنظام البيئي الأميركي للذكاء الاصطناعي، وهو ما تخشاه بكين اليوم.
يمكن لبكين أن تأمر مراكز البيانات المدعومة من الدولة بشراء 50% من الشرائح المحلية، لكن الشركات الصينية ستجد طرقًا لتجاوز هذه التعليمات. ستستأجر وحدات إنفيديا في الخارج، وتوسع حضورها التجاري العالمي، ومع ذلك ستستمر في جمع الإعانات بحجة "شراء المنتجات الصينية".
إن توقيت الحظر الصيني المحتمل مربك للغاية. فقد حصلت إنفيديا لتوّها على موافقة لشحن منتجاتها إلى الصين ضمن صفقة لتقاسم الإيرادات مع واشنطن، لكنها اضطرت إلى وقف مبيعات شريحة H20—التي سمحت الولايات المتحدة بتصديرها إلى الصين—ردًا على خطط بكين، ما كلف إنفيديا مليارات من الإيرادات المحتملة. وإذا مضت الصين قدمًا في فرض القيود، فإن شركات الشرائح والخدمات الأميركية تخاطر بخسارة مئات المليارات من الإيرادات بينما تبني بكين نظامًا بيئيًا موازيًا للذكاء الاصطناعي، غير أميركي، قد يقوّض ريادة الولايات المتحدة. حتى اليوم، تبقى أشباه الموصلات الأميركية هي النظام البيئي الحقيقي الوحيد للذكاء الاصطناعي في العالم.
إذا فرضت بكين قيودًا على وحدات المعالجة، فعلى الولايات المتحدة أن ترد بتوسيع وجود إنفيديا وغيرها من الشرائح الأميركية في آسيا، وزيادة قدراتها في الأسواق المحيطة بالصين، وتشجيع الاعتماد العالمي عليها بسرعة، وتقييد قدرة هواوي على التوسع دوليًا. وقد استهدفت إدارة ترامب بالفعل قدرات المصانع الصينية من خلال قيود على التصدير. كما ينبغي على الولايات المتحدة أن تدرك أنه إذا كان إعادة توطين صناعة أشباه الموصلات يُعتبر أمرًا حيويًا لأمنها القومي، فإن الصين على الأرجح ترى الأمر نفسه بالنسبة لنفسها.
وبالنظر إلى تحوّل السياسة في بكين، من المتوقع أن يبدأ المتشددون الأميركيون في ملف الصادرات بإعادة كتابة التاريخ والادعاء أن الحظر "نجح"، على الرغم من أن قرار الصين أُتخذ بدافع السيادة، وهو ما يناقض حججهم. فقد وعد هؤلاء المتشددون بأن الحظر سيبطئ الصين. لكن النتيجة كانت عكسية: إذ قلل من النفوذ الأميركي، وسرّع اندفاع بكين نحو الاعتماد على الذات، وضَمِن عملاء لأشباه الموصلات الصينية، وأجبر أميركا على كشف استراتيجيتها.
لطالما كانت قيود التصدير سياسة تُخفي الضعف خلف واجهة من القوة. فهي تبدو حازمة لكنها تنهار أمام ديناميكيات السوق الفعلية. ويتجاهل دعاة القيود حقيقة بسيطة: لا يمكنك السيطرة على سوق انسحبتَ منه.
لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تنكفئ إلى حالة من الهوس، بل أن تزيد من انخراطها. فقوة أميركا تعتمد على المنصات والأنظمة البيئية والحجم. وكما هو الحال مع الاتصالات والعمود الفقري للإنترنت، على الولايات المتحدة أن توسع تقنياتها إلى الحد الذي يجعل أي بدائل عاجزة عن مجاراتها. إن القوة تنبع من الحضور، لا من الغياب. لقد اعترفت بكين بما يرفض دعاة القيود في واشنطن الإقرار به: إنفيديا من الصعب استبدالها أو استنساخها.
إن القيود الصينية الوشيكة على الشرائح الأميركية هي إجراءات دفاعية. فالصينيون لا يحظرون الشرائح الأميركية من موقع قوة، بل لأنهم يعتمدون عليها. وتفوز أميركا بسباق الذكاء الاصطناعي ليس من خلال الحظر، بل عبر ريادة الأسواق والمشاريع الحرة. فلا أحد قادر على التفوق عليها في هذه اللعبة.
إن تصدير وحدات المعالجة الأميركية وذكاءها الاصطناعي أمر منطقي واستراتيجي. فالصين تثبت هذه النقطة بنفسها. إذ إن اعتمادها المتزايد على البنية التحتية الأميركية أثار قلق قادتها، وهو ما لا يعجبهم. لكن قبل أن ترد واشنطن على القيود الصينية على واردات وحدات المعالجة الأميركية، من المهم إدراك أن الإنتاج المحلي الصيني ما يزال متأخرًا. فمصانعها ما زالت عالقة في تصاميم تعود لخمسة أعوام على الأقل خلف خط المقدمة. وتشير التقديرات الصناعية إلى أن إنتاج الصين الكامل من وحدات المعالجة في العام المقبل لن يعادل سوى إنتاج AMD، وهي لاعب من الدرجة الثانية مقارنة بإنفيديا.
وتفضل شركات الذكاء الاصطناعي الصينية إنفيديا على هواوي لسبب بسيط: CUDA، وهي مجموعة من المكتبات البرمجية منخفضة المستوى التي تحسن أداء العتاد المخصص للذكاء الاصطناعي. إن النظام البرمجي لإنفيديا، ومجتمع المطورين، والأدوات المساندة يجعل عتادها أكثر قيمة بكثير من مجرد مواصفاته. تستطيع هواوي إنتاج عتاد جيد، لكنها لا تستطيع المنافسة من دون الدعم البرمجي. ولهذا السبب كان تبني الشرائح المحلية في الصين بطيئًا، رغم الإعانات الضخمة والضغط السياسي.
المحللون المؤيدون للرقابة على الصادرات الذين سبق أن اعتبروا إنفيديا مجرد قطعة معدن، وزعموا أن الصين يمكن أن تستنسخها بسهولة، يتفاجأون الآن من صعوبة انتقال الصين من CUDA. لكن إنفيديا ليست مجرد عتاد؛ إنها منصة بالدرجة الأولى. قوتها تكمن في الدمج بين البرمجيات والعتاد. وكل وحدة معالجة تُشحن إلى الخارج هي ارتباط إضافي بالنظام البيئي الأميركي للذكاء الاصطناعي، وهو ما تخشاه بكين اليوم.
يمكن لبكين أن تأمر مراكز البيانات المدعومة من الدولة بشراء 50% من الشرائح المحلية، لكن الشركات الصينية ستجد طرقًا لتجاوز هذه التعليمات. ستستأجر وحدات إنفيديا في الخارج، وتوسع حضورها التجاري العالمي، ومع ذلك ستستمر في جمع الإعانات بحجة "شراء المنتجات الصينية".
إن توقيت الحظر الصيني المحتمل مربك للغاية. فقد حصلت إنفيديا لتوّها على موافقة لشحن منتجاتها إلى الصين ضمن صفقة لتقاسم الإيرادات مع واشنطن، لكنها اضطرت إلى وقف مبيعات شريحة H20—التي سمحت الولايات المتحدة بتصديرها إلى الصين—ردًا على خطط بكين، ما كلف إنفيديا مليارات من الإيرادات المحتملة. وإذا مضت الصين قدمًا في فرض القيود، فإن شركات الشرائح والخدمات الأميركية تخاطر بخسارة مئات المليارات من الإيرادات بينما تبني بكين نظامًا بيئيًا موازيًا للذكاء الاصطناعي، غير أميركي، قد يقوّض ريادة الولايات المتحدة. حتى اليوم، تبقى أشباه الموصلات الأميركية هي النظام البيئي الحقيقي الوحيد للذكاء الاصطناعي في العالم.
إذا فرضت بكين قيودًا على وحدات المعالجة، فعلى الولايات المتحدة أن ترد بتوسيع وجود إنفيديا وغيرها من الشرائح الأميركية في آسيا، وزيادة قدراتها في الأسواق المحيطة بالصين، وتشجيع الاعتماد العالمي عليها بسرعة، وتقييد قدرة هواوي على التوسع دوليًا. وقد استهدفت إدارة ترامب بالفعل قدرات المصانع الصينية من خلال قيود على التصدير. كما ينبغي على الولايات المتحدة أن تدرك أنه إذا كان إعادة توطين صناعة أشباه الموصلات يُعتبر أمرًا حيويًا لأمنها القومي، فإن الصين على الأرجح ترى الأمر نفسه بالنسبة لنفسها.
وبالنظر إلى تحوّل السياسة في بكين، من المتوقع أن يبدأ المتشددون الأميركيون في ملف الصادرات بإعادة كتابة التاريخ والادعاء أن الحظر "نجح"، على الرغم من أن قرار الصين أُتخذ بدافع السيادة، وهو ما يناقض حججهم. فقد وعد هؤلاء المتشددون بأن الحظر سيبطئ الصين. لكن النتيجة كانت عكسية: إذ قلل من النفوذ الأميركي، وسرّع اندفاع بكين نحو الاعتماد على الذات، وضَمِن عملاء لأشباه الموصلات الصينية، وأجبر أميركا على كشف استراتيجيتها.
لطالما كانت قيود التصدير سياسة تُخفي الضعف خلف واجهة من القوة. فهي تبدو حازمة لكنها تنهار أمام ديناميكيات السوق الفعلية. ويتجاهل دعاة القيود حقيقة بسيطة: لا يمكنك السيطرة على سوق انسحبتَ منه.
لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تنكفئ إلى حالة من الهوس، بل أن تزيد من انخراطها. فقوة أميركا تعتمد على المنصات والأنظمة البيئية والحجم. وكما هو الحال مع الاتصالات والعمود الفقري للإنترنت، على الولايات المتحدة أن توسع تقنياتها إلى الحد الذي يجعل أي بدائل عاجزة عن مجاراتها. إن القوة تنبع من الحضور، لا من الغياب. لقد اعترفت بكين بما يرفض دعاة القيود في واشنطن الإقرار به: إنفيديا من الصعب استبدالها أو استنساخها.
إن القيود الصينية الوشيكة على الشرائح الأميركية هي إجراءات دفاعية. فالصينيون لا يحظرون الشرائح الأميركية من موقع قوة، بل لأنهم يعتمدون عليها. وتفوز أميركا بسباق الذكاء الاصطناعي ليس من خلال الحظر، بل عبر ريادة الأسواق والمشاريع الحرة. فلا أحد قادر على التفوق عليها في هذه اللعبة.
التعديل الأخير: