TheEconomist هل كنتَ ستحتمي تحت المظلّة النووية لباكستان؟

MotasemH

Administrator
طاقم الإدارة
المقال المنشور في مجلة The Economist يسلّط الضوء على تطور العلاقة الاستراتيجية بين باكستان والسعودية، حيث انتقلت من تعاون غير مكتوب قائم على تبادل المال بالسلاح إلى اتفاق دفاعي شامل وعلني ينص على اعتبار أي عدوان على أحدهما عدوانًا على الآخر، ما يثير احتمال أن توفر باكستان مظلة نووية للمملكة. الاتفاق يُعيد إلى الواجهة تاريخ التعاون العسكري والمالي بين البلدين ويعكس مخاوفهما المشتركة من إيران والتصعيد الإقليمي الأخير، في وقت تبحث فيه السعودية عن تعزيز أمنها وتبحث باكستان عن دعم مالي. كما أنه يحمل أبعادًا دبلوماسية أوسع، إذ يوجّه رسالة للهند ويعزز مكانة باكستان في الشرق الأوسط، مع احتمالية أن يشكّل سابقة لاستخدام الترسانة النووية الباكستانية كورقة نفوذ إقليمي.
هل كنتَ ستحتمي تحت المظلّة النووية لباكستان؟

Would you shelter under Pakistan’s nuclear umbrella?​

على مدى سنوات، ارتبطت باكستان والسعودية باتفاق غير مكتوب: لدى السعودية الكثير من المال لكن القليل من القوة العسكرية، بينما كانت باكستان فقيرة بالمال لكنها غنية بالسلاح. ضخت المملكة الأموال في خزائن باكستان، وردّت الأخيرة بالحماية عبر إرسال قوات وتدريب وتسليح. وفي 17 سبتمبر خطت الدولتان الإسلاميتان خطوة أبعد بتوقيع اتفاق جريء نصّ على أن «أي عدوان على أي من البلدين يُعتبر عدوانًا على كليهما».

عمليًا، قد يعني ذلك أن تستخدم باكستان ترسانتها التي تضم نحو 170 رأسًا نوويًا لردع أي هجوم على السعودية. فقد صرّح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف في 18 سبتمبر: «قدرتنا النووية… أُنشئت منذ زمن طويل عندما أجرينا التجارب. ما لدينا من قدرات سيكون متاحًا… وفقًا لهذا الاتفاق». ورغم تراجعه لاحقًا بالقول إن الأسلحة النووية «ليست على جدول الاتفاق»، فإن مسؤولين سعوديين أكدوا أن الاتفاق يُعتبر «مظلّة نووية». أحدهم قال لوكالة رويترز: «هذا اتفاق دفاعي شامل… يشمل جميع الوسائل العسكرية». وإن صح ذلك، فستكون هذه المرة الأولى التي تمد فيها دولة نووية خارج القوى الخمس المعترف بها في معاهدة حظر الانتشار النووي مظلّتها لبلد آخر.

يبني الاتفاق على عقود من التعاون؛ ففي الستينيات أُرسلت قوات باكستانية إلى الحدود السعودية-اليمنية أثناء الاضطرابات، وما زال يُعتقد أن نحو ألفي جندي هناك اليوم. وفي 1998، حين أجرت الهند تجارب نووية، عرضت السعودية على باكستان أكثر من 50 ألف برميل نفط يوميًا مجانًا لمساعدتها على مجابهة العقوبات. وبعد عام، زار الأمير سلطان بن عبد العزيز مواقع تخصيب اليورانيوم وتجميع الصواريخ في باكستان.

ورغم إنكار المسؤولين الباكستانيين سابقًا وجود تعاون نووي مباشر، ظلّت الاستخبارات الغربية تشكّ في العكس. عام 2013 قال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يادلين، إن المملكة «دفعت ثمن القنبلة بالفعل»، وتوقّع أنه إذا امتلكت إيران سلاحًا نوويًا «فسيذهب السعوديون إلى باكستان ويأخذون ما يحتاجون». العلاقات بين باكستان وإيران نفسها متوترة، إذ تبادل البلدان القصف الصاروخي في يناير 2024.

وبحسب مسؤولين، فإن الاتفاق جرى الإعداد له منذ أكثر من عام، لكن التطورات الأخيرة سرّعت إنجازه: ضربات إسرائيل الجوية في 9 سبتمبر ضد قادة حماس في الدوحة، وهجمات إيرانية سابقة على قاعدة أميركية في قطر ردًا على قصف منشآت نووية إيرانية. وبرغم تضرر تلك المنشآت، ما زالت إيران تحتفظ بمخزون كبير من اليورانيوم المخصب. بالنسبة للسعودية القلقة من تزايد الصواريخ في الأجواء، قد يشكّل الاتفاق وسيلة لرفع كلفة أي هجوم محتمل عليها.

أما لباكستان، فيوفّر الاتفاق موردًا ماليًا جديدًا عبر مساعدات سعودية للحكومة، بعد أشهر فقط من لجوئها إلى صندوق النقد الدولي. وتأتي الصفقة في ظل أزمات اقتصادية حادة وفي أعقاب مواجهة عسكرية قصيرة مع الهند في 2024.

كما أن الاتفاق مؤشر دبلوماسي مهم؛ ففي السنوات الأخيرة مال بعض الخليج نحو الهند، لكن الخطوة الأخيرة تبعث برسالة أن باكستان ليست معزولة ولديها سند قوي إقليمي ودولي. الهند أبدت انزعاجها، فيما علّق دبلوماسيون سعوديون علنًا بأن الاتفاق «قد يزيد حذر الهند في التعامل مع باكستان».

يُعتقد أن الاتفاق جرى بدفع من قائد الجيش الباكستاني الفريق أول عاصم منير، الذي صعد نجمه بعد المواجهات مع الهند، وبات أقوى قائد عسكري منذ برويز مشرف. وقد احتفى به دونالد ترامب في البيت الأبيض في يونيو. ومن المفارقة أن البرنامج النووي الباكستاني الذي كان مصدر توتر مع واشنطن في الماضي قد يُستخدم الآن كورقة لتعزيز مكانة باكستان الدبلوماسية. وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار صرّح: «من المبكر قول أي شيء، لكن هناك دولًا أخرى تريد الدخول في اتفاق مماثل».​
 
عودة
أعلى