Haaretz ترامب يتحرك بأقصى سرعة لإنهاء الحرب ونتنياهو يدرك أنه لا يستطيع إيقافه

MotasemH

Administrator
طاقم الإدارة
في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس، يوضح عاموس هارل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخل بقوة على خط إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، مستغلًا الضغط الشعبي الإسرائيلي لتحقيق صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بينما يبدو بنيامين نتنياهو مضطرًا للرضوخ بعد فشله في عرقلة التحركات الأميركية. ورغم العقبات المتعلقة بانسحاب الجيش الإسرائيلي ونزع سلاح حماس، يرى ترامب أن إعلان النهاية يكفي لجعلها واقعًا سياسيًا. في المقابل، يعيش الائتلاف الإسرائيلي أزمة داخلية مع تهديدات وزراء اليمين المتطرف بالاستقالة واحتمال إجراء انتخابات مبكرة، في وقت يحاول نتنياهو التملص من المساءلة عن إخفاقات حرب أكتوبر ومنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية، فيما تواصل لجان عسكرية ومدنية البحث عن المسؤولين عن الإخفاق الأمني الأكبر في تاريخ إسرائيل الحديث.
ترامب يتحرك بأقصى سرعة لإنهاء الحرب ونتنياهو يدرك أنه لا يستطيع إيقافه

Trump Shifts Into High Gear to End War, and Netanyahu Knows He Can't Stop Him​

دونالد ترامب غيّر سرعته هذه المرة. فمنذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير، كان الرئيس الأميركي يكتفي بالحديث المكرر عن رغبته في إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، لكنّ تحولًا جوهريًا ظهر بعد المؤتمر الصحفي المشترك الأسبوع الماضي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فمنذ ذلك الحين، أصبح ترامب مركزًا وحازمًا، ويسخّر كل ثقله من أجل دفع الطرفين إلى إنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل الأسرى.

العقبات ما زالت كبيرة، لكن مع حلول الذكرى الثانية لاندلاع الحرب يوم الثلاثاء، تلوح فرصة حقيقية لإنهائها للمرة الأولى منذ زمن طويل. ويُشير ترامب ونتنياهو إلى أن التحول الإيجابي قد يبدأ بالفعل خلال عطلة عيد المظال (سوكوت) هذا الأسبوع.

ومجدداً، تبيّن أن الرئيس الأميركي يتأثر بشدة بالمظاهرات الإسرائيلية الضخمة المؤيدة لإبرام صفقة. وقد نشر ترامب يوم الأحد صورًا لتلك التظاهرات على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الآن يستغل الضغط الشعبي في إسرائيل لدفع الصفقة قدمًا، كما كان كثيرون يأملون منذ يناير.

موقف نتنياهو يبدو مفاجئًا إلى حد ما. فخلال فترة إدارة بايدن، كان رئيس الوزراء يضع العراقيل في طريق المفاوضات في كل فرصة. أما الآن، فهو يغذي التوقعات بتحقيق تقدم. ويبدو أنه خلص إلى أنه لم يعد قادرًا على عرقلة تحركات ترامب.

وتُبذل حاليًا جهود كبيرة لصياغة خطاب دبلوماسي جديد يُقدَّم لجمهور نتنياهو، يقوم على فكرة أن ما يحدث ليس تنازلاً بل «إنجاز دبلوماسي عظيم» تحقق بفضل «عناد رئيس الوزراء». والمفارقة أن بعض من يروّجون لهذا الخطاب هم أنفسهم من قالوا قبل يومين فقط إن أي اتفاق مع قادة حماس، «النازيين الجدد»، سيكون خطأً فادحًا. وربما يحتاج المرء إلى خبير ليحكم، لكن الإحساس العام يشبه ما كان يُكتب في صحف الأحزاب الشيوعية في دول الكتلة الشرقية عشية سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1989.

وكان من المقرر أن تغادر وفد تفاوضي إسرائيلي إلى القاهرة مساء الأحد لإجراء محادثات مع الوسطاء. ومعالم صفقة الأسرى واضحة إلى حد ما: يسعى ترامب إلى الإفراج عن 20 أسيرًا أحياءً وإعادة جثامين 28 آخرين (وفق الأرقام التي يوردها المسؤولون الإسرائيليون، بينما أشار الرئيس إلى أرقام مختلفة) خلال 72 ساعة مع نهاية الأسبوع.

من غير المرجح تنفيذ الصفقة بالكامل في هذه المدة القصيرة. فإحدى العقبات تتمثل في صعوبة العثور على جميع الجثامين، إذ إن قطاع غزة شهد «زلزالًا» على مدى عامين، وحتى لو أرادت حماس إنهاء الملف، فقد نواجه تأخيرات طويلة كما حدث في قضية الملاح الجوي المفقود رون أراد في لبنان.

وهناك قضايا أخرى معقدة؛ ففي مساء السبت نشر ترامب خريطة تُظهر انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخطوط التي تمركز عندها في يوليو، وهو ما لن يرضي حماس إطلاقًا، لا سيما بسبب استمرار سيطرة إسرائيل على ممر فيلادلفيا. كما ترفض الحركة المطلب الأميركي المنصوص عليه في الوثيقة ذات العشرين بندًا والمتعلق بنزع السلاح.

وتسعى حماس إلى مقاومة نية واشنطن وضع القطاع تحت سيطرة قوة متعددة الجنسيات، مفضّلة أن تكون هناك قوة فلسطينية، كما أنها لا تريد السماح لإسرائيل بتحديد وتيرة انسحاب الجيش وطريقة دخول القوة البديلة إلى غزة.

طريق الاتفاق طويل وشائك، لكن إذا نجح ترامب في الإفراج عن الأسرى هذا الأسبوع – أي في ذكرى السابع من أكتوبر وقبل إعلان جائزة نوبل للسلام في 10 أكتوبر – فسيكون على الأرجح مستحقًا للجائزة التي يتوق إليها. ومع ذلك، فإن اهتمامه بالتفاصيل يبدو محدودًا للغاية.

فكما حدث في ملف إيران، يرى الرئيس أن الحرب تنتهي بمجرد أن يعلن هو ذلك، ومن يجرؤ على معارضته؟ وهذه هي المرة الثانية في غضون ثلاثة أشهر ونصف يأمر فيها ترامب نتنياهو بوقف القصف، فيرضخ الأخير.

الخلاصة واضحة: بعد شهور من المماطلة، استسلم نتنياهو لضغوط ترامب؛ فسيُعلن وقفٌ شامل لإطلاق النار، ويُفرج عن الأسرى (مقابل إطلاق نحو 2000 فلسطيني، بينهم 250 مدانًا بالقتل)، من دون أن تُجبر حماس فعليًا على نزع سلاحها، ومن دون أن يحقق نتنياهو وعده بالقضاء الكامل على الحركة ضمن ما سماه «النصر التام لإسرائيل».​

إلقاء اللوم​

في يوم الجمعة الماضي، وبعد ضغوط شديدة مارسها ترامب، أرسلت حركة حماس ردها على الخطة المكونة من عشرين بندًا التي قدمها الرئيس الأميركي. وبأسلوبه المعتاد ولأسباب تخصه، اختار ترامب وصف ردّ الحركة المسلحة بأنه «إيجابي»، رغم ما تضمنه من تحفظات كثيرة. وخلال ساعات قليلة، أجبر نتنياهو على وقف معظم عمليات القصف التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في غزة. وبحلول مساء السبت، كان وزراء اليمين الديني المتطرف في الحكومة، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، أمام أمر واقع.

تصرف الاثنان بنفس الطريقة غير المسؤولة التي ميزتهما منذ بداية الحرب، فهاجما قرارات نتنياهو كما لو لم يكونا جزءًا من حكومته، ثم امتنعا بعد ذلك عن اتخاذ أي خطوة عملية. ويبدو أنهما يفكران حاليًا في تأجيل استقالتهما إلى ما بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، التي تتضمن إعلان وقف إطلاق النار وعودة جميع الأسرى الأحياء والجثامين.

على أي حال، ستوفر المعارضة لنتنياهو شبكة أمان برلمانية تتيح تمرير الاتفاق، لكن بعد ذلك قد لا يكون أمام سموتريتش وبن غفير خيار سوى الاستقالة، إذ يخوضان صراعًا على أصوات اليمين المتطرف، ولتمييز نفسيهما عن نتنياهو، سيكون عليهما مغادرة الحكومة قريبًا. وهذا السيناريو يجعل من المرجح أن تُجرى الانتخابات المقبلة في الربع الأول من عام 2026.

وإذا فاز نتنياهو بتلك الانتخابات، أو نجح في فرض حالة جمود تُبقي على حكومة انتقالية شبه دائمة، فسيواصل تحقيق أهدافه الكبرى: البقاء في السلطة، وتأجيل محاكمته الجنائية، ومنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية تبحث في الإخفاقات التي سمحت بوقوع المجزرة. فبصفته الرجل الأول في الدولة خلال السنوات الأربع عشرة التي سبقت الحرب، والمسؤول عن تعزيز قوة حماس عبر الأموال القطرية وتجاهل تحذيرات قادة الاستخبارات طوال عام 2023، لديه الكثير مما يخشاه.

وإلى أن يُحسم ملف لجنة التحقيق الرسمية، تبقى لدينا قناتان للتوضيح: تحقيق مكتب مراقب الدولة، وعمل اللجنة العسكرية التي يرأسها اللواء الاحتياط سامي ترجمان. والمحادثات مع شخصيات رئيسية خضعت لمقابلات من قِبل مراقب الدولة متنياهو إنغلمن تُظهر صورة واضحة إلى حد ما؛ إذ يميل فريقه إلى التركيز على أحداث الليلة التي سبقت هجوم حماس، ويوجه معظم اللوم إلى كبار ضباط الجيش، وخاصة رئيس الأركان آنذاك، هرتسي هاليفي.

ومن المتوقع أن تقدم لجنة ترجمان نتائجها لرئيس الأركان الحالي، إيال زامير، خلال الأسابيع المقبلة. وتشير الأجواء التي تسود اجتماعاتها مع الضباط الذين شاركوا في معارك السابع من أكتوبر إلى لهجة حادة وانتقادات قاسية. وسيكون لدى ترجمان وكبار ضباط الاحتياط العاملين معه الكثير ليقولوه حول الإخفاقات وطريقة التحقيق الذاتي التي اعتمدها الجيش.

ومن المرجح أن يتمحور التوتر مع زامير، الذي شكّل اللجنة بنفسه، حول مسألة «الاستنتاجات الشخصية». حتى الآن، تجنّب كلٌّ من زامير وهاليفي الخوض في ذلك. وتأجيل تعيين عدد من الضباط الجدد جاء نتيجة قرارات وزير الدفاع يوآف كاتس، الذي تصرف – كعادته – بدوافع شعبوية دون التحقق من الوقائع.

أما الضابط الذي يتركز حوله معظم الجدل فهو مدير الاستخبارات العسكرية الحالي، اللواء شلومي بيندر. فقبل عامين، كان بيندر برتبة عميد ورئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة. وتوجه لجنة ترجمان انتقادات إلى كلٍّ من التحقيق الذي تناول أداء الشعبة وطريقة عملها.

ويرى زامير أن قيادة المنطقة الجنوبية ووحدات العمليات في هيئة الأركان وقعت في فخ في 7 أكتوبر نتيجة الأداء الكارثي للاستخبارات العسكرية، وهو ما يؤكده أيضًا العميد «س»، قائد إحدى وحدات الاستخبارات العسكرية، الذي كتب في تقرير شخصي حول الإخفاق أن المعلومات الاستخباراتية التي قُدمت قبل السابع من أكتوبر – وكذلك أثناء تلك الليلة – أعاقت القادة بدلاً من مساعدتهم.

لكن هذا ليس بالضرورة رأي لجنة ترجمان وفريقها. وزامير، الذي يُكن احترامًا كبيرًا لبيندر ويرغب في بقائه في منصبه الحالي، سيضطر لاتخاذ قرار نهائي. وكالعادة، قد يتدخل السياسيون أيضًا، كلٌّ بدوافعه الخاصة ومصالحه الضيقة.​
 
عودة
أعلى