وُلدت كـ"حركة المقاومة الإسلامية". لكنها تُعرف عادةً باختصارها العربي "حماس". غير أن المحادثات الجارية في القاهرة قد تحدد ما إذا كان على الحركة الفلسطينية التخلي عن كلمة "المقاومة"، إنهاء حربها المستمرة منذ 22 شهرًا في غزة ضد إسرائيل، وإعادة ابتكار نفسها كحزب سياسي.
في 12 أغسطس، وصل خليل الحية، رئيس جناح حماس في غزة، إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات برعاية مصرية وبمشاركة قطر وتركيا. المقترح المطروح يشمل: تفكيك أسلحة الحركة، حلّ أجنحتها المسلحة، الإفراج عن الرهائن المتبقين، والتخلي عن السلطة. في المقابل، ستنسحب إسرائيل من غزة، ويتم إنشاء إدارة فلسطينية تكنوقراطية مؤقتة مدعومة بقوة دولية غير خاضعة لقرار من الأمم المتحدة، وتبدأ إعادة إعمار القطاع المدمر.
في 12 أغسطس، وصل خليل الحية، رئيس جناح حماس في غزة، إلى القاهرة للمشاركة في مفاوضات برعاية مصرية وبمشاركة قطر وتركيا. المقترح المطروح يشمل: تفكيك أسلحة الحركة، حلّ أجنحتها المسلحة، الإفراج عن الرهائن المتبقين، والتخلي عن السلطة. في المقابل، ستنسحب إسرائيل من غزة، ويتم إنشاء إدارة فلسطينية تكنوقراطية مؤقتة مدعومة بقوة دولية غير خاضعة لقرار من الأمم المتحدة، وتبدأ إعادة إعمار القطاع المدمر.
الضغوط الخارجية على الحية لقبول الصفقة هائلة. بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يهدد باحتلال كامل غزة. وفي 12 أغسطس، بدأت القوات الإسرائيلية بشن ضربات مكثفة على مدينة غزة. هجوم آخر قد يدمر ما تبقى من حماس هناك ويسرّع عملية التطهير العرقي للقطاع بأسره. أما إضعاف إيران فقد حرم كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح للحركة، من أبرز داعميها الخارجيين. حتى آخر داعميها الإقليميين، قطر وتركيا، لطالما فضّلوا جناحها السياسي، لكنهم على ما يبدو بدأوا يفقدون صبرهم. ويُقال إنهم أبلغوا الحية بأنه إذا رفض الصفقة، فقد لا يُسمح له ولغيره من قادة حماس — الذين غادروا الدوحة قبل أسبوعين — بالعودة إليها.
وتتعرض حماس لضغط أكبر من الذين تزعم أنها تقاتل باسمهم. فقد وُلدت الحركة في غزة، لكن السكان الذين أوصلوها إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع قبل عقدين انقلبوا عليها. قلّة ترى فائدة في مقاومة تجلب الدمار عليهم. وبينما يتحصن مقاتلوها في الأنفاق ويتفاوض قادتها على عرض المنطقة العازلة، كان يُقتل نحو مئة غزي يوميًا في يوليو، معظمهم على يد إسرائيل. لم تعد التهديدات بالانتقام تكتم الأصوات الناقدة. يقول صحفي من غزة مقيم الآن في المنفى بقطر: "الناس في غزة غاضبون من حماس. إنهم فقط يريدون أن ينتهي هذا الكابوس". ويحمّل ناشط سياسي في غزة الحركة مسؤولية المجاعة: "إصرار حماس على البقاء في السلطة يمنح إسرائيل ذريعة لتجويعنا… يجب أن تُحلّ حماس وتختفي". حتى في صفوفها، بدأ التذمر يتسرّب؛ إذ يدعو بعض أعضائها عبر مجموعات واتساب إلى إلقاء السلاح قبل أن تتفاقم معاناة غزة.
بعض كوادر الحركة يتصورون إعادة ابتكارها كحزب سياسي، على غرار "شين فين" في أيرلندا الشمالية أو "القائمة العربية الموحدة" في إسرائيل. ويقترح أحدهم تسميتها "العدالة والتنمية". وبهويتها الجديدة، يمكنها أن تقبل بالشروط التي حددها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للمشاركة في الانتخابات الفلسطينية التي أُعلن عنها مؤخرًا. تلك الشروط تشمل: القبول بحل الدولتين، التفاوض مع إسرائيل، ومطلب عباس احتكار السلاح الفلسطيني بيد السلطة. ومع الاستياء من حركة فتح، وضعفها، وما زال صمود حماس يجذب إعجابًا خارج غزة، قد تتمكن من الفوز. يقول مستشار للحركة في المنفى: "لم أشعر بهذا القدر من التفاؤل منذ أشهر".
ومع ذلك، ما زالت كتائب القسام تقاتل في مدينة غزة. وبعيدًا عن صنع الأحذية من الخشب والمطاط، يعدّ القتال أحد آخر "فرص العمل" المتاحة. رغم أن الهجمات الإسرائيلية أضعفت صفوفهم، إلا أنهم لا يزالون يمتلكون أسلحة لمضايقة خصمهم. ويزعمون أن وجودهم حال دون مجازر أسوأ. يقول نجل قائد عسكري قُتل، ويعيش في المنفى: "من دون كتائب القسام كنا سنشهد مئات من صبرا وشاتيلا". ولا يزال كثيرون يعتقدون أنهم قادرون على استعادة السلطة في غزة. وعندما طُلب من وسيط فلسطيني يشارك في اتصالات مع حماس وصف مزاج الكتائب، أجاب بلهجة أيرلندية: "لا استسلام".
في المنفى، يرى قادة حماس أن إسرائيل قد تكسب المعارك، لكنها تخسر الحرب. وبالاستناد إلى تجربة الجزائر في حرب الاستقلال، يعتقدون أن المقاومة حولت أسلحة العدو ضده، فأرهقته وسلبته شرعيته الدولية والأخلاقية. ويقولون إن نزوحًا جماعيًا للفلسطينيين من غزة لن يُنهي الصراع، بل سيزيده اشتعالًا. فقد نالت الجزائر استقلالها فقط بعد أن فقد مليون جزائري حياتهم. يقول غازي حمد، القيادي البارز في الحركة: "اصبري يا غزة".
كيف يمكن دفع حماس إلى قبول الصفقة؟ التزام من لجنة عربية جديدة تشرف على التنفيذ بدمج عشرات الآلاف من موظفيها المدنيين في إدارة فلسطينية جديدة، وربما بعض مقاتليها في الأجهزة الأمنية، قد يساعد. وقد أعرب قادتها السياسيون عن استعدادهم لتسليم أسلحتهم لإدارة فلسطينية جديدة في غزة، بمجرد انسحاب إسرائيل الكامل. يقول أحد الاستراتيجيين المقربين من الحركة في إسطنبول: "الكتائب ستقبل بقرار الحركة".
لكن ما زالت هناك عقبات كبرى. على أمريكا وإسرائيل أيضًا قبول الشروط، ولم يحضر أي منهما إلى القاهرة. وعلى الرغم من ارتفاع كلفة الحرب لإسرائيل، لا يزال نتنياهو يفضّل الحلول العسكرية على التسويات الدبلوماسية. ويشير مراقب مصري إلى أن تفاصيل نزع سلاح حماس، وأي قوة دولية، وإدارة تكنوقراطية مؤقتة، لم تُحدد بعد. كما أن "براغماتية" حماس لم تتجاوز حدًا معينًا يومًا ما. ففي عام 1991، بعد نهاية الانتفاضة الفلسطينية الأولى وبداية المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، أعلن أحد مؤسسي الحركة أن "المهمة أنجزت". واقترح حل الجناح المسلح والانضمام إلى المفاوضات. لكن رفاقه ردّوا: كيف نتخلى عن علامتنا الفارقة؟ وربما لا يزال كثيرون في حماس يشعرون بالمثل حتى اليوم.