المقال الذي كتبه جلين ناي وبريندان هارت في The Hill عام 2019 يوضح أن الولايات المتحدة، رغم المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، تعاني من أزمة ابتكار تهدد قدرتها التنافسية في مواجهة قوى كبرى مثل الصين. فالأميركيون أصبحوا أقل إقدامًا على تأسيس الأعمال الجديدة، بينما تتقدم بكين بسرعة عبر سياسات الدعم والإغلاق وسرقة التكنولوجيا، لتبني نموذجًا تكنولوجيًا سلطويًا. ويقترح الكاتبان إطارًا جديدًا للابتكار في القرن الحادي والعشرين قائمًا على تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، تحديث برامج دعم الأعمال الصغيرة، وتطوير التعليم والقوى العاملة لدمج العلوم والتكنولوجيا مع الفنون والإنسانيات. ويؤكدان أن الولايات المتحدة لا تستطيع التفوق عبر الانغلاق أو البيروقراطية، بل عبر الاستثمار في الابتكار وريادة الأعمال كما فعلت سابقًا للفوز في الحرب العالمية الثانية، وسباق الفضاء، والحرب الباردة.
Innovation is key to winning the global great power competition
تخفي المؤشرات الاقتصادية الإيجابية مثل انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأجور والنمو القوي اتجاهًا مقلقًا، وهو أن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة في الابتكار. فنحن اليوم أقل ريادة للأعمال مما كنا عليه قبل عقود. ويظهر تراجع الابتكار بشكل متسق عبر مختلف القطاعات؛ من التصنيع إلى الزراعة، إذ بات الأميركيون يؤسسون شركات جديدة بوتيرة أقل بكثير مما فعله آباؤهم أو أجدادهم. وهذا يضعنا في موقف ضعف داخل عالم يزداد تنافسية وتكنولوجية.
ومع تزايد الترابط بين الجغرافيا السياسية والتكنولوجيا، تواجه الولايات المتحدة خطر التخلف في هذه المنافسة التكنولوجية الحاسمة. فمنافسونا يتحركون بسرعة لتجاوزنا في نشر التقنيات المتقدمة. ومن خلال إغلاق أسواقها، ودعم الابتكار، وفرض نقل التكنولوجيا بالقوة، وسرقة الملكية الفكرية، تمثل الصين الطليعة السلطوية في هذه المنافسة. لقد بات واضحًا أن بكين تملك رؤية لمستقبل تكنولوجي قائم على ابتكارات شركاتها لتعزيز قوتها الاقتصادية مع فرض سيطرة صارمة على مواطنيها.
ولضمان أن يعكس الابتكار التكنولوجي المستقبلي قيم الانفتاح بدلًا من القيم السلطوية، يجب على صانعي السياسات اتخاذ خطوات لزيادة الابتكار الأميركي. ففي ظل اقتصاد عالمي، لا يمكننا الاكتفاء باحتواء منافسينا أو مواجهتهم، بل يجب أن نتفوق عليهم. إن إطار الابتكار في القرن الحادي والعشرين سيزيد من ريادة الأعمال، ويوفر وظائف قوية، ويحافظ على رؤية واسعة، ويستثمر في نقاط قوتنا المتمثلة في التكنولوجيا ورأس المال والمواهب ضمن استراتيجيتنا لخوض منافسة القوى العظمى. ومع رؤية جريئة تعكس هذا التحدي، يمكننا البدء بإصلاح السياسات القائمة.
أولًا، علينا أن نعيد النظر في كيفية تعاون القطاعين العام والخاص لتحقيق الابتكار. فعلى مدى عقود، قادت الحكومة الفيدرالية العالم في البحث والتطوير. ففي عام 2017، أنفق دافعو الضرائب نحو 134 مليار دولار على البحث والتطوير في مجالات العلوم والتكنولوجيا، عبر أكثر من 300 مختبر وطني. لكن العديد من الابتكارات الواعدة لم تصل يومًا إلى السوق التجارية. فمنذ الثمانينيات، انفصلت الاختراعات الممولة من أموال الضرائب عن مسار الابتكار التجاري، رغم أن التاريخ يوضح أن هذا لم يكن الحال دائمًا.
فمن الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب الباردة، أدت الشراكات القوية بين الحكومة والأوساط الأكاديمية والصناعة إلى اختراقات غير مسبوقة. إذ جرى تحويل قيمة تقنيات ذات أهداف عسكرية ضيقة لاستخدامات أوسع غيّرت الاقتصاد. وليس غريبًا أن تتحول وادي السيليكون وكامبريدج، اللتان تلقتا إنفاقًا هائلًا على البحث والتطوير أثناء الحرب، إلى مراكز عالمية لريادة الأعمال والابتكار والاستثمار التكنولوجي.
وبغض النظر عن التعاون مع وزارة الدفاع أو أجهزة الاستخبارات أو المختبرات الوطنية، يجب أن يتاح أمام رواد الأعمال الأميركيين وصول سهل ومجاني إلى مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة الممولة من دافعي الضرائب. فمن خلال تعزيز وتبسيط التعاون بين الباحثين الحكوميين ورواد الأعمال، يمكننا تسريع نمو اقتصادنا وتعزيز أمننا القومي في القرن الحادي والعشرين.
ثانيًا، علينا أن نتأكد من أن برامج دعم الأعمال الصغيرة محدثة ومتوافقة مع وتيرة الابتكار التكنولوجي. فبرنامج البحوث الابتكارية للمشروعات الصغيرة (SBIR) الذي تديره إدارة الأعمال الصغيرة، وبرنامج نقل التكنولوجيا للمشروعات الصغيرة (STTR)، يخصصان ما يقرب من 3 مليارات دولار سنويًا، يتم توزيعها عبر نحو عشر وكالات فدرالية. غير أن العديد من رواد الأعمال يعزفون عن هذه البرامج – رغم فرص التمويل الجذابة – لأن إجراءاتها طويلة ومعقدة وغير شفافة، وغالبًا ما تتعارض مع رأس المال الخاص. وبعض هذه السياسات قد تثبط نمو الشركات بما يتجاوز التعريف الحكومي لـ"الأعمال الصغيرة". لذا يجب تحديث برامج التمويل الفدرالية بحيث تراهن على الفرص التحويلية الكبرى.
وأخيرًا، يقود الأفراد الابتكار، بينما تدعمه أو تعرقله السياسات. لذلك علينا أن نضمن أن توفر القوى العاملة لدينا مجموعة المواهب اللازمة لإنجاح الابتكار. وتقدم التجارب الخارجية نماذج مفيدة: فإسرائيل استطاعت الجمع بين المواهب والتكنولوجيا وربط الابتكار الدفاعي بالتجاري، مما مكنها من مواجهة التهديدات السريعة في منطقة عنيفة. أما ألمانيا وسويسرا فقد طورتا نماذج تعليمية تدمج بين التعليم المدرسي وتنمية المهارات عبر التدريب المهني منذ المرحلة الثانوية وما بعدها. كما ينبغي أن تركز مناهجنا التعليمية المتطورة ليس فقط على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بل أيضًا على الفنون والعلوم الإنسانية التي يمكن لمهاراتها الإبداعية والتفكير النقدي أن تساهم في الابتكار.
لقد كان للولايات المتحدة تاريخ مشرف كقائدة في مجال الابتكار. لكن الصين وغيرها يعملون بنشاط لتحدي هيمنتنا. ولن ننتصر عبر تبني نهج منغلق أو بيروقراطي مفرط، بل ببناء قوتنا على أسسنا في الابتكار وروح المبادرة. لقد كسرنا القيود التقليدية لنفوز في الحرب العالمية الثانية وسباق الفضاء والحرب الباردة. واليوم، ولكي نكسب منافسة القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين، نحن بحاجة إلى إطار حديث يضع الابتكار في قلب استراتيجيتنا الاقتصادية والأمنية.
ومع تزايد الترابط بين الجغرافيا السياسية والتكنولوجيا، تواجه الولايات المتحدة خطر التخلف في هذه المنافسة التكنولوجية الحاسمة. فمنافسونا يتحركون بسرعة لتجاوزنا في نشر التقنيات المتقدمة. ومن خلال إغلاق أسواقها، ودعم الابتكار، وفرض نقل التكنولوجيا بالقوة، وسرقة الملكية الفكرية، تمثل الصين الطليعة السلطوية في هذه المنافسة. لقد بات واضحًا أن بكين تملك رؤية لمستقبل تكنولوجي قائم على ابتكارات شركاتها لتعزيز قوتها الاقتصادية مع فرض سيطرة صارمة على مواطنيها.
ولضمان أن يعكس الابتكار التكنولوجي المستقبلي قيم الانفتاح بدلًا من القيم السلطوية، يجب على صانعي السياسات اتخاذ خطوات لزيادة الابتكار الأميركي. ففي ظل اقتصاد عالمي، لا يمكننا الاكتفاء باحتواء منافسينا أو مواجهتهم، بل يجب أن نتفوق عليهم. إن إطار الابتكار في القرن الحادي والعشرين سيزيد من ريادة الأعمال، ويوفر وظائف قوية، ويحافظ على رؤية واسعة، ويستثمر في نقاط قوتنا المتمثلة في التكنولوجيا ورأس المال والمواهب ضمن استراتيجيتنا لخوض منافسة القوى العظمى. ومع رؤية جريئة تعكس هذا التحدي، يمكننا البدء بإصلاح السياسات القائمة.
أولًا، علينا أن نعيد النظر في كيفية تعاون القطاعين العام والخاص لتحقيق الابتكار. فعلى مدى عقود، قادت الحكومة الفيدرالية العالم في البحث والتطوير. ففي عام 2017، أنفق دافعو الضرائب نحو 134 مليار دولار على البحث والتطوير في مجالات العلوم والتكنولوجيا، عبر أكثر من 300 مختبر وطني. لكن العديد من الابتكارات الواعدة لم تصل يومًا إلى السوق التجارية. فمنذ الثمانينيات، انفصلت الاختراعات الممولة من أموال الضرائب عن مسار الابتكار التجاري، رغم أن التاريخ يوضح أن هذا لم يكن الحال دائمًا.
فمن الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب الباردة، أدت الشراكات القوية بين الحكومة والأوساط الأكاديمية والصناعة إلى اختراقات غير مسبوقة. إذ جرى تحويل قيمة تقنيات ذات أهداف عسكرية ضيقة لاستخدامات أوسع غيّرت الاقتصاد. وليس غريبًا أن تتحول وادي السيليكون وكامبريدج، اللتان تلقتا إنفاقًا هائلًا على البحث والتطوير أثناء الحرب، إلى مراكز عالمية لريادة الأعمال والابتكار والاستثمار التكنولوجي.
وبغض النظر عن التعاون مع وزارة الدفاع أو أجهزة الاستخبارات أو المختبرات الوطنية، يجب أن يتاح أمام رواد الأعمال الأميركيين وصول سهل ومجاني إلى مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة الممولة من دافعي الضرائب. فمن خلال تعزيز وتبسيط التعاون بين الباحثين الحكوميين ورواد الأعمال، يمكننا تسريع نمو اقتصادنا وتعزيز أمننا القومي في القرن الحادي والعشرين.
ثانيًا، علينا أن نتأكد من أن برامج دعم الأعمال الصغيرة محدثة ومتوافقة مع وتيرة الابتكار التكنولوجي. فبرنامج البحوث الابتكارية للمشروعات الصغيرة (SBIR) الذي تديره إدارة الأعمال الصغيرة، وبرنامج نقل التكنولوجيا للمشروعات الصغيرة (STTR)، يخصصان ما يقرب من 3 مليارات دولار سنويًا، يتم توزيعها عبر نحو عشر وكالات فدرالية. غير أن العديد من رواد الأعمال يعزفون عن هذه البرامج – رغم فرص التمويل الجذابة – لأن إجراءاتها طويلة ومعقدة وغير شفافة، وغالبًا ما تتعارض مع رأس المال الخاص. وبعض هذه السياسات قد تثبط نمو الشركات بما يتجاوز التعريف الحكومي لـ"الأعمال الصغيرة". لذا يجب تحديث برامج التمويل الفدرالية بحيث تراهن على الفرص التحويلية الكبرى.
وأخيرًا، يقود الأفراد الابتكار، بينما تدعمه أو تعرقله السياسات. لذلك علينا أن نضمن أن توفر القوى العاملة لدينا مجموعة المواهب اللازمة لإنجاح الابتكار. وتقدم التجارب الخارجية نماذج مفيدة: فإسرائيل استطاعت الجمع بين المواهب والتكنولوجيا وربط الابتكار الدفاعي بالتجاري، مما مكنها من مواجهة التهديدات السريعة في منطقة عنيفة. أما ألمانيا وسويسرا فقد طورتا نماذج تعليمية تدمج بين التعليم المدرسي وتنمية المهارات عبر التدريب المهني منذ المرحلة الثانوية وما بعدها. كما ينبغي أن تركز مناهجنا التعليمية المتطورة ليس فقط على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بل أيضًا على الفنون والعلوم الإنسانية التي يمكن لمهاراتها الإبداعية والتفكير النقدي أن تساهم في الابتكار.
لقد كان للولايات المتحدة تاريخ مشرف كقائدة في مجال الابتكار. لكن الصين وغيرها يعملون بنشاط لتحدي هيمنتنا. ولن ننتصر عبر تبني نهج منغلق أو بيروقراطي مفرط، بل ببناء قوتنا على أسسنا في الابتكار وروح المبادرة. لقد كسرنا القيود التقليدية لنفوز في الحرب العالمية الثانية وسباق الفضاء والحرب الباردة. واليوم، ولكي نكسب منافسة القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين، نحن بحاجة إلى إطار حديث يضع الابتكار في قلب استراتيجيتنا الاقتصادية والأمنية.