كيف قاد الخذلان الأكاديمي بعض الباحثين إلى تغيير ممارساتهم في نسب التأليف

Admin

Administrator
طاقم الإدارة
اليوم الذي يُفترض أن يمثل لحظة فخر عند نشر بحث جديد، قد يتحول أحيانًا إلى شعور بالخذلان والتلاشي. يحدث ذلك حين يرى الباحث البيانات التي ساهم في صياغتها، والأكواد البرمجية التي عمل على تطويرها وتحسينها، والإطار التحليلي الذي أمضى شهورًا في بنائه—مدمجة بعناية في مقالة علمية محكّمة—لكن اسمه غائب عن قائمة المؤلفين. هذا الشعور بالإقصاء مؤلم بحد ذاته، لكن ما يزيد الألم هو أن الأمر غالبًا ما يكون متوقعًا، ورغم ذلك يشعر الباحث أنه عاجز عن منعه.

في بيئات أكاديمية كثيرة، خصوصًا خلال دراسات الدكتوراه، يُطلب من الباحثين المبتدئين المساعدة في أعمال تحليلية أو برمجية يَعِدهم زملاؤهم الأكثر تقدمًا بأن تُترجم إلى مشاركة في التأليف إذا نُشرت النتائج. قد يُقال لهم إن هذه المخرجات ستندمج لاحقًا في أجزاء من أطروحاتهم، أو أن المشرفين سيتلقون إشعارًا رسميًا بمجرد نضوج العمل. وغالبًا ما يصدّق الباحثون هذه الوعود.
كيف قاد الخذلان الأكاديمي بعض الباحثين إلى تغيير ممارساتهم في نسب التأليف

لكن ما يحدث لاحقًا هو استنزاف ساعات طويلة من الجهد المركز: كتابة الأكواد، تعديلها، التحقق من صحتها، والتأكد من صلابة التحليل. ورغم ذلك، تبقى هذه الشراكات في كثير من الأحيان غير رسمية. معظم النقاشات تدور عبر مكالمات صوتية عابرة، بينما تظل الرسائل الإلكترونية بلا رد، فلا يوجد سجل مكتوب يوضح طبيعة الاتفاق أو نطاق المساهمة. ومع مرور الوقت، يتضح أن غياب التوثيق لم يكن مجرد صدفة، بل كان في بعض الحالات مقصودًا.ث

حين يبدأ البحث في التهيؤ للنشر بعد سنوات، سرعان ما تتحول الحماسة إلى خيبة حين يُدرك الباحثون الذين ساعدوا أن نيتهم في إدراجهم كمؤلفين لم تكن واردة أصلًا. وإذا اعترضوا، يواجهون ادعاءات من المؤلفين الرئيسيين بأن العمل البرمجي أو التحليلي كان من جهدهم وحدهم، ويُطالبون بأدلة مكتوبة لا تكون موجودة.

قد يحاول بعض الزملاء أو حتى المشرفون التدخل والاعتراف بمساهمات هؤلاء الباحثين، لكن كثيرًا ما يُقابَل ذلك برفض من القائمين على الورقة، ما يدفع الباحث المتضرر في النهاية إلى التوقف عن المطالبة بحقه والتركيز على عمله الحالي. والنتيجة: أبحاث منشورة لا تحمل أسماء المساهمين الفعليين—وأحيانًا لا يُذكرون حتى في قسم الشكر.

هذا النوع من الخذلان يترك آثارًا حقيقية. فالاعتماد على وعدٍ بالتأليف المشترك قد يؤدي إلى إضاعة وقت ثمين كان من المفترض استثماره في كتابة الأطروحة أو مشروعات أخرى، مما يسبب تأخيرًا أكاديميًا قد يصل إلى أشهر طويلة. أما الأثر النفسي، فيتمثل في الإحباط، والشعور بالعجز، وإحساس عميق بالظلم.

هذه الحوادث ليست استثناءً. إذ إن نقاشات التأليف في كثير من المختبرات والفرق البحثية تبقى غير رسمية، ويجهل الكثير من الباحثين المبتدئين المعايير المتعارف عليها عالميًا لتحديد المؤلفين. حتى في المجموعات البحثية التي تمتلك إرشادات رسمية لتحديد من يحق له الظهور كمؤلف، لا تُطرح هذه الإرشادات عادة إلا بعد وصول المخطوطة إلى مراحل متقدمة من الصياغة، وغالبًا ما يتردد الطلبة في المطالبة بحقوقهم ضمن ثقافة مخبرية هرمية.

لكن بعض المجموعات الأكاديمية بدأت، بعد تجارب مريرة كهذه، في التفكير في استراتيجيات تضمن الاعتراف العادل بمساهمات جميع المشاركين. فظهرت إجراءات عملية تُطبق منذ بداية كل مشروع: إنشاء وثيقة مشتركة تحدد الأدوار وتوقعات التأليف، مع تحديد نقاط مراجعة دورية لمناقشة موضوع التأليف مجددًا—مثل عند الانتهاء من مراحل تحليل مهمة أو قبل صياغة المخطوطة.

كما بات العديد من الباحثين يتبنون أسلوب القيادة بالمثال، عبر فتح نقاشات صريحة مع طلابهم وزملائهم الأصغر سنًا حول موضوع التأليف، وضمان حصولهم على التدريب المناسب في أخلاقيات البحث العلمي. يُشجَّع الطلبة على حفظ سجل واضح لمساهماتهم، وقراءة إرشادات المجلات حول معايير التأليف، ومعرفة القنوات المؤسسية التي يمكن اللجوء إليها عند مواجهة مشكلات، مثل مكاتب النزاهة البحثية أو الوسطاء الأكاديميين.

وقد أثبتت هذه المقاربات الجديدة جدواها في بعض المختبرات خلال الأشهر الماضية، حيث لاقت استحسانًا واسعًا من أعضاء الفرق البحثية. لهذا، يُنصح الباحثون جميعًا بتبني ممارسات مماثلة. فالتأليف ليس مجرد سطر في السيرة الذاتية، بل هو التزام أخلاقي. كل مجموعة بيانات مُنقحة، وكل كود تم تصحيحه، وكل شكل بياني تمت مراجعته تستحق الاعتراف. وكل باحث مبتدئ يستحق الثقة بأن عمله لن يُستخدم فحسب، بل سيُقدَّر ويُحترم أيضًا.

المصدر: مجلة Science، بتصرّف​
 
عودة
أعلى