TheEconomist حماس تقول «نعم، ولكن» لخطة ترامب بشأن غزة — وربما لا يكون ذلك كافيًا.

MotasemH

Administrator
طاقم الإدارة
في مقاله المنشور في مجلة The Economist، يتناول التقرير مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض خطة من عشرين بندًا لإنهاء حرب غزة عبر الضغط على كلٍّ من إسرائيل وحماس. فبينما قدّمت حماس ردًا وُصف بـ«نعم، ولكن» تضمّن موافقة مبدئية على إطلاق جميع الأسرى مقابل انسحاب إسرائيلي جزئي، رفضت نزع سلاحها أو التخلي عن نفوذها في غزة، مما جعل استجابة ترامب المفرطة بالتفاؤل موضع شك. وقد أظهرت الانقسامات داخل حماس، وارتباك نتنياهو بين الضغوط الأميركية والرأي العام الإسرائيلي، هشاشة هذا المسار التفاوضي. وتكشف المجلة أن الخطة، التي تحظى بدعم نسبي شعبي في إسرائيل وغزة، تفتقر إلى التفاصيل بشأن قضايا حاسمة مثل نزع السلاح، والانسحاب الإسرائيلي، ومستقبل الحكم في القطاع، ما يجعل نجاحها مرهونًا بقدرة ترامب على الموازنة بين الضغوط السياسية وضمانات الأمن، وسط شكوك حول استدامة حماسه لإنهاء الحرب.
حماس تقول «نعم، ولكن» لخطة ترامب بشأن غزة — وربما لا يكون ذلك كافيًا.

Hamas says “yes, but” to the Trump Gaza plan. That may not be enough​

منذ أن قدّم دونالد ترامب خطته المكونة من عشرين بندًا لإنهاء حرب غزة في التاسع والعشرين من سبتمبر، وجّه الرئيس الأميركي سلسلة من الإنذارات النهائية الى حركة حماس. ففي البداية، قال إنه يتوقع من الحركة الفلسطينية المسلحة أن ترد خلال ثلاثة أو أربعة أيام. ثم نشر على وسائل التواصل الاجتماعي مهلة نهائية صارمة، مفادها أنه إذا لم تتوصل حماس إلى اتفاق مع إسرائيل قبل مساء الخامس من أكتوبر، فإن «الجحيم كله سينفجر».

سارعت حماس لتجنّب تجاوز المهلة، لكنها قدمت في الثالث من أكتوبر ردًا قاصرًا عن مطلب ترامب بالتوصل إلى اتفاق كامل. فقدّمت الحركة تنازلًا مهمًا واحدًا وجديدًا، إذ وافقت من حيث المبدأ على إطلاق سراح جميع الرهائن الثمانية والأربعين، ومن بينهم نحو عشرين على قيد الحياة، قبل أي انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع. كما أكدت موقفها السابق بأن حكومة تكنوقراطية يمكن أن تتولى إدارة غزة في نهاية المطاف. غير أنها لم توافق على نزع سلاحها ولا على التخلي عن نفوذها في غزة. وجاء ردها محمّلًا بالتحفظات، إذ قالت إنها تحتاج إلى «مناقشة التفاصيل» الخاصة بأي عملية إفراج عن الرهائن، وتجاهلت معظم ما ورد في خطة ترامب المكونة من عشرين بندًا.

كانت صياغة البيان ذكية ومحسوبة، إذ بدا وكأنه «نعم»، لكنه في الحقيقة كان «نعم، ولكن». ويبدو أن ذلك كان كافيًا لتخفيف حدّة إنذار ترامب في الوقت الراهن على الأقل. والسؤال المحوري الآن هو ما إذا كانت حماس ستتنازل أكثر في جولات التفاوض المقبلة. وهذا أمر غير مضمون، لأن الحركة منقسمة داخليًا بشأن كيفية المضي قدمًا، كما أن قادتها لا يثقون بتطمينات ترامب بأن القتال سيتوقف بشكل دائم.

تعامل ترامب، على الأقل في البداية، مع رد الحركة على أنه «نعم» حقيقية. فقد كتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن «حماس مستعدة لسلام دائم»، وأمر إسرائيل بـ«وقف القصف على غزة فورًا» لتسهيل صفقة تبادل الأسرى. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن بنيامين نتنياهو فوجئ بإعلان ترامب، لكنه لم يكن أمامه سوى الموافقة، إذ صرّح بأن إسرائيل تستعد لتنفيذ «المرحلة الأولى» من خطة ترامب.

خفّف الجيش الإسرائيلي من هجومه المتواصل منذ أسابيع للسيطرة على مدينة غزة. وقالت كل من قطر ومصر إنهما مستعدتان لبدء محادثات بشأن صفقة الإفراج عن الأسرى المقترحة. وتخطط إسرائيل بالفعل لإرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة للمشاركة في هذه المباحثات المتوقع انطلاقها قريبًا جدًا. ومع ذلك، فإن الشكوك عميقة لدى البعض. فقد صرّح السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ولاية ساوث كارولاينا، وهو من المقربين من ترامب، بخلاف نادر مع الرئيس، قائلًا إن «رد حماس يمثل في جوهره رفضًا لعرض الرئيس ترامب القائم على مبدأ خذه أو اتركه». وربما فوجئ نتنياهو، لكنه على الأرجح سيكون قريبًا على الهاتف مع واشنطن لإرسال الرسالة نفسها.

يأمل المتفائلون في أن يكون هناك أخيرًا زخم نحو إنهاء الحرب التي توشك على دخول عامها الثالث. فقد مارس ترامب ضغطًا أميركيًا مباشرًا على إسرائيل، خصوصًا بعد الضربة الجوية الإسرائيلية على قطر في التاسع من سبتمبر – وهي محاولة فاشلة لاغتيال قادة من حماس – والتي يبدو أنها أقنعته بضرورة كبح جماح نتنياهو. في الوقت نفسه، كثّف قادة المنطقة ضغطهم على حماس، إذ قال رؤساء أجهزة المخابرات في مصر وقطر وتركيا لقادة الحركة خلال اجتماعهم في الدوحة الشهر الماضي إن خطة ترامب تمثل الفرصة الأخيرة لإنهاء الحرب.

كان نتنياهو ومستشاروه مبتهجين عندما نُشرت خطة ترامب في وقت سابق من الأسبوع، لأنها تضمنت العديد من مطالبهم. وكانت الرؤية السائدة في القدس أن هذه البنود تشكل «حبوب سمّ» سياسية يصعب على حماس ابتلاعها، مما يمنح إسرائيل مبررًا لمواصلة القتال في حال رفضت الحركة الخطة. غير أن حماس نجحت في تفادي هذا الفخ، ليجد نتنياهو نفسه الآن عالقًا بين رئيس أميركي متحمس لإبرام اتفاق سلام ورأي عام إسرائيلي مرهق من حربٍ مستمرة منذ عامين ويتوق لعودة الأسرى إلى ديارهم.

تحظى خطة ترامب الكاملة ذات العشرين بندًا بدعم واسع نسبيًا، سواء في إسرائيل – حيث يؤيدها 72٪ من الجمهور – أو في غزة، حيث يتوق مليونا إنسان إلى نهاية المجزرة. وقد اندلعت احتفالات في القطاع بعد أن سلّمت حماس ردها إلى ترامب.

ومع ذلك، فإن الأحاديث المتفائلة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية لم تُلغِ التحديات الواقعية أمام أي اتفاق فوري لتبادل الأسرى، ولا حسمت الخلافات العميقة حول مسألة نزع السلاح ومن ستكون له السيطرة الرسمية والفعليّة على غزة في المدى البعيد. عمليًا، يبدو أن حماس قسّمت خطة ترامب إلى نصفين: النصف الأول يشمل وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية — وكلها ستُنفذ خلال أيام من الاتفاق — أما النصف الثاني فيتناول إعادة إعمار غزة وإدارتها بعد الحرب.

وبطريقة ما، تحاكي حماس استراتيجية إسرائيل في يناير الماضي، حين وافقت الأخيرة على المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار المؤلف من ثلاث مراحل، لكنها رفضت المشاركة في المحادثات الخاصة بالمرحلتين الثانية والثالثة. حينها، غضب ترامب من الحالة الصحية المتدهورة لبعض الأسرى الإسرائيليين ومن الطريقة التي عرضت بها حماس الأسرى قبل الإفراج عنهم، فقبل في نهاية المطاف مبررات إسرائيل للعودة إلى الحرب.

لكن هذه المرة، استبقت حماس إسرائيل بالتواصل مع ترامب عبر رعاتها القطريين. ويبدو أن قادتها السياسيين المقيمين في الدوحة مستعدون مبدئيًا لقبول النصف الأول من الخطة، وإن بتحفظين كبيرين. أولًا، تخشى الحركة أن ينهار أي اتفاق فور إطلاق سراح الأسرى، إذ سيكون ذلك فقدانًا لورقة الضغط الوحيدة على إسرائيل. وتريد ضمانات بأن نتنياهو لن يستأنف الحرب لاحقًا كما فعل في مارس. يقول أحد المسؤولين العرب المشاركين في المحادثات: «إنهم لا يريدون أن يكون هذا وقف إطلاق نار لثلاثة أيام فقط». ويُقال إن القادة العسكريين للحركة داخل غزة – وهم من يحتجزون الرهائن فعليًا – أكثر قلقًا من هذه النقطة مقارنةً بنظرائهم في الدوحة، مما يكشف انقسامًا داخليًا داخل صفوف حماس.

ثانيًا، لدى حماس تساؤلات بشأن الانسحاب الإسرائيلي من غزة. ففي رسالتها إلى ترامب، قالت إنها ستفرج عن الأسرى لتحقيق «انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع». لكن خطة ترامب لا تتضمن مثل هذا الانسحاب الكامل. إذ تنص على أن إسرائيل ستتخلى عن جزء من أراضي غزة بعد الإفراج عن الأسرى – ولا يمكن تحديد مقدارها بدقة، إذ تبدو الخريطة المرفقة بالخطة وكأنها رُسمت ببرنامج Microsoft Paint – أما عمليات الانسحاب المستقبلية فمشروطة ببنود غامضة، وتسمح الخطة لإسرائيل بالاحتفاظ بمنطقة عازلة على حدود القطاع.

أما النصف الثاني من الخطة، الذي يرسم رؤية بعيدة المدى (رغم غموضها) لمستقبل غزة، فلا يزال محل خلاف أكبر. فترامب سيترأس «مجلس السلام» المكلف بإعادة إعمار القطاع، وقد اختير توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، للانضمام إليه. كما ستشارك دول عربية بإرسال قوات لحفظ السلام وتوفير الأمن. وستكون حماس مطالبة بنزع سلاحها بالكامل، كما ستُستبعد من أي دور في إدارة غزة بعد الحرب، على أن يُمنح أعضاؤها خيارين: العفو أو النفي.

لكن حماس رفضت معظم هذه البنود، إذ عرضت تسليم الحكم إلى «هيئة فلسطينية مستقلة»، وهو ما يستبعد ضمنيًا شخصيات مثل بلير. ولم تذكر شيئًا عن نزع السلاح. ويعتقد أحد الوسطاء العرب أن حماس قد توافق على تسليم الأسلحة الثقيلة مثل الصواريخ – وهي أصلاً شبه مستنفدة – لكنها لن تتخلى عن الأسلحة الخفيفة. كما أصرت على المشاركة في أي مفاوضات تخص مستقبل غزة.

ويرى مؤيدو خطة ترامب أن هذه الخلافات لا ينبغي أن تُفشل الصفقة، إذ الأهم هو تنفيذ المرحلة الأولى بسرعة – أي وقف الحرب وتحرير الأسرى – مما يمنح الوقت للتفاوض بشأن القضايا الأكثر تعقيدًا لاحقًا. لكن هذا الطرح يفترض أن كلا الطرفين مستعدان لتجاهل القضايا الجوهرية مؤقتًا. فهل ستقبل إسرائيل باتفاق لا يتضمن آلية مفصلة لنزع سلاح حماس؟ وهل ستقبل حماس باتفاق لا يحدد بوضوح شروط الانسحاب الإسرائيلي من غزة؟ الكثير سيعتمد على ترامب نفسه، وعلى مزيج الضمانات والضغوط الذي يستطيع تقديمه للطرفين. وإذا طالت المفاوضات، فقد يخفت حماس ترامب وحماسه تجاه الملف.

خطة ترامب فقيرة في التفاصيل، ومن الواضح أنها كانت تحتاج منذ البداية أيامًا أو أسابيع من المحادثات قبل أن تصبح قابلة للتنفيذ. وقد أبدت حماس استعدادها للانخراط في مثل هذه المحادثات، لكن ما إذا كانت ستنجح أم لا، يبقى سؤالًا مفتوحًا.​
 
عودة
أعلى